پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص361

فبايع أصحابه من أجله بيعة الرضوان تحت الشجرة ، فدل هذا على الفرق بين ذي العشيرة المانعة وبين غيره في الرد .

ومثله ما قلناه : في وجوب الهجرة على من أسلم في دار الحرب إن كان ممتنعا بعشيرته إذا أظهر إسلامه لم تجب عليه الهجرة ، وإن كان مستضعفا وجبت عليه الهجرة ، فصار الرد مقصورا على طائفة واحدة ، وهي الممتنعة بيوتها لقوتها والمنع الرد مشتملا على طائفتين :

أحدهما : جميع النساء من الممتنعات ، والمستضعفات .

والثاني : المستضعفون من الرجال ، وكذلك الصبيان إذا وصفوا الإسلام عند المراهقة ممنوعون من الرد ، وإن كانوا ممتنعين ؛ لأنهم قد يفتنون عن دينهم . نص عليه الشافعي ، فجعل أبو علي بن أبي هريرة هذا دليلا على صحة إسلامه قبل بلوغه ، وذهب جميع أصحاب الشافعي ، وهو ظاهر مذهبه ، ومنصوصه في سائر كتبه أن إسلامه لا يصح قبل بلوغه ، وإنما منع من رده استظهارا لدينه حتى يتحقق ما هو عليه بعد بلوغه .

فإن وصف الإسلام رد إن كان ممتنعا ، ولم يرد إن كان مستضعفا ، وإن وصف الكفر حمل على هدنة قومه .

فلو شرط في الهدنة رد من أسلم مطلقاً من غير تفصيل بطلت ؛ لأن إطلاقه يقتضي عموم الرد ممن يجوز أن يرد ، وممن لا يجز أن يخص عمومه بالعرف فيمن يجوز رده .

( فصل )

: فإذا تقرر هذا التفصيل ، فالكلام فيه يشتمل على فصلين :

أحدهما : في النساء .

والثاني : في الرجال .

فأما الفصل الأول : في النساء ، فليس لهن إلا حال واحدة في المنع من ردهن ، فإذا منع الإمام منه نظر في الطالب لهن :

فإن كان غير زوج من ابن أو أخ أو عم ، فلا شيء له إذا امتنع ؛ لأنه لا يملك عن بضعها بدلا .

وإن كان الطالب لها زوجها قيل له : إن أسلمت في عدتها كنت على نكاحك لها ، وإن لم تسلم منعت منها ، ونظر في مهرها ، فإن لم يدفعه إليها لم يرجع به ، وإن دفعه إليها ، فعنى رجوعه به قولان بناء على الاختلاف المتقدم في امتناع رسول الله ( ص ) من ردهن ، هل كان لنسخ بعد الإباحة أو كان مع تقدم الحظر ، لأن الله تعالى أوجب رد المهر في عقد هدنته ، فكان مستحقا في منعه ، وإن لم يدفعه لم يطالب