الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص357
ردهن توقعا لأمر الله تعالى فيهن حتى نزل عليه قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار ) [ الممتحنة : 10 ] الآية . والتي بعدها ، فامتنع حينئذ رسول الله ( ص ) من ردهن ، ومن رد النساء كلهن و ولم يمتنع من رد الرجال ؛ لوقوع الفرق بين الرجال والنساء من وجهين :
أحدهما : أن الرجال أثبت من النساء ، وأقدر على التوبة إن أكرهوا على الكفر .
والوجه الثاني : أن النساء ذوات الأزواج يحرمن على أزواجهن من الكفار ، ولا يقدرون على الامتناع منهم والرجال بخلافهن ، فلهذين وقع الفرق في الرد بين الرجال والنساء ، فرد الرجال ، ولم يرد النساء ، والله أعلم .
أما قوله تعالى : ( إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن ) [ الممتحنة : 10 ] ففيما يمتحن به وجهان :
أحدهما : بأن يشهدن بأن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله
والوجه الثاني : بما في السورة من قوله : ( يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ) [ الممتحنة : 12 ] الآية . ، ثم قال : ( الله أعلم بإيمانهن ) [ الممتحنة : 10 ] يعني بما في قلوبهن ؛ لأن الإمتحان يعلم به ظاهر إيمانهن ، والله يعلم ظاهره وباطنه ، ثم قال تعالى : ( فإن علمتموهن مؤمنات ) يعني بالإمتحان ، ( فلا ترجعوهن إلى الكفار ) [ الممتحنة : 10 ] يعني تمنعوهن من الرجوع إلى الكفار من أهليهن وأزواجهن ( لا هن حل لهم ) [ الممتحنة : 10 ] يعني أن المسلمة لا تحل لكافر بحال ( ولا هم يحلون لهن ) [ الممتحنة : 10 ] فيه وجهان :
أحدهما : يعني أن الكفار لا يحلون للمسلمات بحال .
والوجه الثاني : يعني أن المسلم لا يحل له نكاح كافرة وثنية ، ولا مرتدة ، ثم قال تعالى ( وآتوهم ما أنفقوا ) يعني مهورهن ، وفيمن تدفع إليه مهورهن قولان :
أحدهما : وهو قول الشافعي أزواجهن دون غيرهم من أهليهن ، فعلى هذا يدفع ذلك إليهم أن كن قد أخذنه منهم ، ولم يدفع إن لم يأخذنه .
والقول الثاني : إلى كل طالب لهن من زوج وأهل وهو شاذ .
فعلى هذا يدفع إلى من كان مستحقا لطلبهن من زوج وأهل ، سواء أخذنه أو لم يأخذنه ، وهذا فاسد ؛ لأنه قال : ( وآتوهم ما أنفقوا ) [ الممتحنة : 10 ] فلا يأخذ من لم ينفق ثم قال ( 0 ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن