پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص353

فإن كان من ولاة الجهاد عمل على رأيه في استدامة الهدنة بالموادعة أو نقضها بالقتال ، ولم يلزمه استئذان الإمام في الحالين ، وإن لم يكن من ولاة الجهاد جاز له استدامتها بغير إذن الإمام ، ولم يكن له نقضها إلا بإذن الإمام ؛ لأنه موافق في الاستدامة ، ومخالف في النقض ، وإذا كان كذلك لم يخل حاله وحال الإمام من أربعة أحوال :

أحدهما : أن يتفقا على استدامتها فتلزم .

والثاني : أن يتفقا على نقضها فتنحل .

والثالث : أن يرى المحكم نقضها ، ويرى الإمام استدامتها ، فتغلب استدامة الإمام ، ويصير كالمبتدئ بها .

والرابع : أن يرى المحكم استدامتها ، ويرى الإمام نقضها ، فينظر فإن كان لعذر يقلب نقض الإمام ، وإن كان لغير عذر غلب استدامة المحكم كالمدة المقدرة .

ولو أطلق الهدنة من غير شرط ، أو على غير صفة ، فقال : قد هادنتكم لم يجز ؛ لأن إطلاقها يقتضي التأبيد ، وهو لو أبدها بطلت كذلك إذا أطلقها ، وإذا أراد الإمام نقض العهد لم يبدأ بقتالهم إلا بعد إنذارهم وإعلامهم ، لقول الله تعالى : ( وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين )

[ آل عمران : 58 ] .

( مسألة )

: قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ ولا يجوز أن يؤمن الرسول والمستأمن إلا بقدر ما يبلغان حاجتهما ولا يجوز أن يقيم بها سنة بغير جزية ‘ .

قال الماوردي : قد مضى الكلام ، وأن للرسول أمانا يبلغ فيه رسالته وأنه لا يعشر ما دخل معه من مال ، وإن كان العشر مشروطا عليهم ؛ لأنه لما تميز عنهم في أمان الرسالة تميز عنهم في تعشير المال تغليبا لنفع الإسلام برسالته ، فإن انقضت رسالته فيما دون أربعة أشهر جاز أن يستكملها ، ولم يجز أن يقيم سنة إلا بجزية ، وإن لم تنقض رسالته إلا في سنة جاز أن يقيمها بغير جزية ؛ لأن حكم الرسالة مخصوص في أحكام جماعتهم وهكذا الأسير إذا حبس في الأسر مدة لمصلحة رآها الإمام لم تجب عليه الجزية ؛ لأنه مقيم بغير اختيار ، فصار مساويا للرسول في سقوط الجزية ومخالفا في العلة .

( مسألة )

: قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ ولا يجوز أن يهادنهم على أن يعطيهم المسلمون شيئا بحال لأن القتل للمسلمين شهادة وأن الإسلام أعز من أن يعطى مشرك على أن يكف عن أهله لأن أهله قاتلين ومقتولين ظاهرون على الحق إلا في حال