الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص352
أحدهما : تبطل إذا منع تفريقها .
والثاني : تصح إذا أجيز تفريقها ، وهو المنصوص ، وهكذا إن دعته الحاجة أن يهادنهم خمس سنين لم يجز أن يهادنهم أكثر منها ، فإن فعل كان ما زاد على الخمس باطلا ، وفي بطلان الهدنة في الخمس قولان . ولو هادنهم عشر سنين لحاجة دعت إليها ثم ارتفعت الحاجة كانت الهدنة باقية إلى انقضاء مدتها بعد زوال الحاجة إليها ، وإن لم يجز أن يبتدىء بها في هذه الحال التزاما لما استقر من عقدها بقوله تعالى : ( أوفوا بالعقود ) [ المائدة : 1 ]
قال الماوردي : وهذا صحيح .
يجوز في الهدنة أن تكون غير مقدرة المدة : إذا علقت بشرط أو على صفة ؛ لأن رسول الله ( ص ) حين وادع يهود خيبر قال : ‘ أقركم ما أقركم الله ‘ ويكون الإمام مخيرا فيها إذا أراد نقضها وليست من عقود المعاوضات التي تمنع الجهالة فيها ، وإذا جاز إطلاقها بغير مدة لم يجز أن يقول لهم : أقركم ما أقركم الله ، وإن قاله رسول الله ( ص ) لأهل خيبر ؛ لأن الله تعالى يوحي إلى رسوله مراده دون غيره ، وكذلك لو قال : أقركم ما شئت فيجوز ، ويكون موقوفا على مشيئته ، فيما يراه صلاحا كم استدامة الهدنة أو نقضها ، فإن عقدها على مشيئتهم لم يجز ؛ لأنهم يصيرون متحكمين على الإسلام وقد قال رسول الله ( ص ) الإسلام يعلو ولا يعلى ‘ : وإن عقدها الإمام على مشيئة غيره من المسلمين جاز إذا اجتمعت فيه ثلاثة شروط .
أحدها : أن يكون من ذوي الاجتهاد في أحكام الدين .
والثاني : أن يكون من ذوي الرأي في تدبير الدنيا .
والثالث : أن يكون من ذوي الأمانة في حقوق الله تعالى وحقوق عباده .
فإن تكاملت فيه صح وقوف الهدنة على مشيئته ، وإن أخل بشرط منها لم يصح فإذا انعقدت نظر :