الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص345
قال الماوردي : أما دين العرب ، فلم يكونوا أهل كتاب ، وكانوا عبدة أوثان ، فجاورت طائفة منهم اليهود ، فتهودوا وجاورت طائفة منهم النصارى ، فتنصروا ، فكان في قحطان بالشام تنوخ وبهراء وبنو تغلب مجاورين للنصارى ، فتنصروا وأشكلت حالهم عند فتح الشام على عمر رضي الله عنه هل دخلوا في النصرانية قبل التبديل فيقرون أو بعد التبديل مع المبدلين ، فلا يقرون ، فغلب فيهم حكم الحظر في حقن دمائهم ، وتحريم مناكحهم وذبائحهم ، فأقرهم على هذا ، وشرط عليهم ألا ينصروا أولادهم ، ثم طالبهم بالجزية حين أقرهم على النصرانية ، فأبوا أنفة من ذل الجزية ، وقالوا : نحن عرب لا نؤدي ما يؤدي العجم ، ولكن خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض الصدقة ، فقال عمر : لا آخذ من مشرك صدقة فرضها الله على المسلمين طهرة فنفر بعضهم ولحق بالروم ، وكاد الباقون أن يلحقوا بهم ، فقال عبادة بن النعمان التغلبي يا أمير المؤمنين إن للقوم بأسا وشدة ، فلا تعز عدوك بهم ، وخذ منهم الجزية باسم الصدقة ، فأعاد من رحل إلى من أقام ، وقالوا : زد ما شئت بهذا الاسم لا باسم الجزية ، فراضاهم عمر على أن أضعف عليهم الصدقة وجعلوها جزية باسم الصدقة ،