الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص343
في بلاد الإسلام حتى حال عليهم الحول ، قال الشافعي : عشروا بعد انقضاء الحول ثانية واعتبرهم بالمسلمين في أخذ الزكاة منهم في كل حول ، وهذا عند معتبر بالشرط المعقود معهم ، فإن تضمن تعشير أموالهم في كل حول عشروا ، وإن تضمن تعشيرها ما حملوه من دار الحرب لم يعشروا اعتبارا بموجب الشرط .
فأما الذمي إذا اتجر في الحجاز بعد تعشير ماله حتى حال عليه الحول عشر ثانية في كل حول ؛ لأن للذمي في الجزية حولا مقيدا تتكرر جزيته فيه ، فجعل أصلا لعشر ماله في كل حول ، وليس هو في حول الجزية أصلا ؛ ولأن أحكام الإسلام جارية على الذمي دون الحربي ، فلما استقر حكم الإسلام على أخذ الزكاة من مال المسلم في كل حول ، صار ذلك أصلا في تعشير مال الذمي في الحجاز في كل حول .
فأما إذا اتجر الذمي في غير الحجاز من بلاد الإسلام ، فلا عشر عليه لجواز استيطانه لها بخلاف بلاد الحجاز التي لا يجوز أن يستوطنها ، فإن شرط الإمام عليهم ذلك حملوا على شروطه ، وكان زيادة في جزيتهم .
لا يجتمع مسلم ومشرك في الحرم بعد عامهم هذا
.
قال الماوردي : وهذا صحيح ، حتى ينتشر في كافة المسلمين ، وفيهم ، يزول الخلاف معهم ، فإذا انتشر في بلاد الإسلام كلها في عصر بعد عصر اكتفى بانتشاره عن تجديده ، فإن خيف بتطاول الزمان أن يخفى جدده كما يفعل الحكام في الوقوف إذا خيف دروسها جددوا الإسجال بها ؛ لتكون حجج سبيلها دائمة الثبوت .
وإذا زال السبب الذي تركه تعشير أموالهم لم يأخذهم بعشر ما كانوا حملوه ، ونظر في الترك ؛ فإن كان مسامحة لهم أخذ عشرهم بعد زوال السبب بالشرط الأول ، وإن كان إسقاطا لم يأخذه بعد زوال سببه إلا بشرط مستأنف .
وإذا دعت الإمام الضرورة في الاستعانة بأهل الذمة على قتال أهل الحرب أن