الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص341
الإمام مندوب إلى توفير ما يصل إلى المسلمين من أموال المشركين إما بغنيمة إن قهروا ، وإما بجزية وخراج إن صولحوا ، فكذلك عشر أموالهم إذا اتجروا ، وإن كان ذلك من الشروط الواجبة عليهم كان العرف الذي عمل به الأئمة العشر ، وليس بحد لا يجوز مجاوزته إلى زيادة أو نقصان ، لأنه موقوف على ما يؤدي إليه الاجتهاد المعتبر من وجهين :
أحدهما : في كثرة الحاجة إليه وقلتها ، فإن كثرت الحاجة إليه كالأموات كان المأخوذ منه أقل ، وإن قلت الحاجة إليه كالطرف والدقيق كان المأخوذ منه أكثر ، فإن عمر رضي الله عنه أخذ من القطنية العشر ، وأخذ من الحنطة والزبيب نصف العشر .
والثاني : الرخص والغلاء ، فإن كان انقطاعها يحدث الغلاء كان المأخوذ أقل ، وإن كان لا يحدث الغلاء كان المأخوذ أكثر ، وإذا كان الاجتهاد فيه معتبرا من هذين الوجهين عمل الإمام في تقريره على ما يؤديه اجتهاده إليه ، فإن رأى من المصلحة اشتراط العشر في جميعها فعل ، وإن رأى اشتراط نصف العشر فعل ، وإن رأى اشتراط الخمس فعل ، وإن رأى أن ينوعها بحسب الحاجة إليها ، فيشرط في نوع منها الخمس ، وفي نوع العشر ، وفي نوع نصف العشر فعل ، و صار ما انعقد شرطه عليه حقا واجبا في متاجرهم ما أقاموا على صلحهم ، كالجزية لا يجوز لغيره من الأئمة أن ينقضه إلى زيادة أو نقصان ، فإن نقضوا شرطهم بطل حكم الشرط بنقضهم ، وجار استئناف وصلح معهم يبتدئه بما يراه من زيادة على الأول أو نقصان منه .
أحدهما : يؤخذ منه لشركه .
والوجه الثاني : لا يؤخذ منه لجريان حكم الإسلام عليه .
فأما الذمي إذا اتجر في بلاد الإسلام ، فلا عشر عليه في ماله ؛ لأن الجزية مأخوذة منه عن نفسه وعن ماله ، إلا أن يدخل تاجرا إلى الحجاز فيمنع من دخوله إلا بما يشترط عليه من عشر ماله ؛ لأنه ممنوع من استيطان الحجاز فمنع من التجارة فيه إلا معشورا ، وهو لا يمنع من استيطان غيره ، فلم يعشر .