پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص340

ولا تنقض عليه مدة أمانه ، ولا يخرج قبل انقضائها إلا بموجب لنقض الأمان ؛ لوجوب الوفاء بالعقود ، فإن كان الذي أمنه في دخوله رجل من جملة المسلمين كان أمانه مقصورا على حقن دمه وماله دون مقامه ، و ونظر الإمام في حاله ، فإن رأى من المصلحة إقراره أقره على الأمان ، وقرر له مدة مقامه ، ولم يكن لمن أمنه من المسلمين تقدير مدته ، وإن لم ير الإمام من المصلحة إقراره ، في دار الإسلام أخرجه منها آمنا حتى يصل إلى مأمنه ثم يصير حربا ، فيكون أمان المسلم له موجبا لحقن دمه ولمقامه ، وإقراره ، فافترقا في الحكم من وجه ، واجتمعا فيه من وجه .

( فصل )

: وإذا دخل الحربي بأمان الإمام ثم عاد إلى دار الحرب انقضى حكم أمانه فإن عاد ثانية بغير أمان غنم حتى يستأنف أمانا ، لأنه خاص ، فلم يتكرر ، فلو عقد له الأمان على تكرار الدخول صح اعتبارا بصريح العقد ، وكان في عوده وتردده آمنا يقيم في كل دفعة ما شرط له من المدة وإذا كان 0 أمان الحربي من قبل الإمام كان عاما في جميع بلاد الإسلام إلا أن يجعله مقصورا على بلد بعينه ، فلا يصير آمنا في غيره ، وإذا كان أمانه ممن استنابه الإمام كان عاما في بلاد ولايته ولا يكون عاما في بلاد الإسلام كلها ، لأن ولاية الإمام عامة ، وولاية النائب عنه خاصة ، وإذا كان أمانه من جهة واحد من المسلمين كان أمانه مقصورا على بلده خاصة وفيما كان طريقا له إلى دار الحرب ، لأن الأمان يقتضي عوده إلى مأمنه ، ولا يكون له أمان إن يتجاوز ذلك إلى غيره من بلاد الإسلام ، وإذا دخل حربي دار الإسلام وادعى أنه دخلها بأمان مسلم ، فإن كان من ادعى أمانه حاضرا رجع إلى قوله ، فإن صدقه على الأمان قبل قوله ؛ لأنه لو أمنه في حال تصديقه صح أمانه ، وإن أكذبه على الأمان كان الحربي مغنوما ، وإن كان من ادعى أمانه غائبا ففي قبول قول الحربي وجهان :

أحدهما : يقبل قوله ، ويكون آمنا كما يقبل قول من ادعى الرسالة .

والوجه الثاني : لا يقبل وإن قبل في الرسالة ؛ لأن إقامة البينة على الرسالة متعذر قبل قوله فيها ، وإقامتها على الأمان ممكنة ، فلم يقبل قوله فيه .

( مسألة )

: قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ فإن دخلوا بأمان وشرط عليهم أن يؤخذ منهم عشر أو أقل أو أكثر أخذ ‘ .

قال الماوردي : وجملته أنه يجب على الإمام أن يشترط في متاجر أهل الحرب إذا دخلوا بلاد الإسلام لمنافعهم ، وكان انقطاعها عن المسلمين غير ضار بهم حتى يأخذه الإمام منهم من عشر أو أقل أو أكثر بحسب ما يؤديه اجتهاده إليه يكون عبئا مصروفا في أهل الفيء ؛ لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صالح أهل الحرب في حمل متاجرهم إلى بلاد الإسلام على العشر ، وصالح أهل الذمة في حملها إلى المدينة على نصف العشر ليكون ذلك ضعف ما يؤخذ في زكاة المسلم من ربع العشر ؛ ولأن