الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص339
والقول الثاني : لا يجوز ؛ لأنه فوق الأربعة كالسنة ، وسواء كانوا من أهل الكتاب أو لم يكونوا .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، يجب على الإمام أن يراعي ثغور المسلمين المتصلة بدار الحرب من دخول المشركين إليها ؛ لأنهم لا يؤمنون عليها من غرة يظفرون بها أو مكيدة يوقعونها ، ومن دخلها منهم ، فهو حرب مغنوم يتحكم الإمام فيه بخياره من قتله أو استرقاقه أو فدائه أو المن عليه إلا في حالتين
أحدهما : أن يكون رسولا للمشركين فيما يعود بمصلحة المسلمين من صلح يجدد أو هدنة تعقد أو فداء أسرى ؛ لقول الله تعالى ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ) [ التوبة : 6 ] .
قيل : إنها في المرسل فيكون له بالرسالة أمان على نفسه وماله ، لا يحتاج معها إلى استئناف أمان ، إلا أن يكون رسولا في وعيد وتهديد ، فلا يكون أمان ، ويكون حربا يفعل فيه الإمام ما يراه من الأمور الأربعة ؛ لأن في هذه الرسالة مضرة ، وفي الأولى منفعة فصار بالمنفعة مواليا ، فأمن وبالمضرة معاديا ، فغنم .
فلو ادعى وقد دخل بلاد الإسلام إنه رسول نظر في دعواه
فإن علم صدقه فيها كان آمنا ، وإن علم كذبه فيها كان مغنوما ، وإن أشبهت حاله قبل قوله ، وكان آمنا ، ولم يلزم إحلافه على الرسالة ، لأنه مبلغ ( ما على الرسول إلا البلاغ ) [ المائدة : 99 ] .
ولا يجوز إذا دخل الرسل بلاد الإسلام أن يظهروا فيها منكرا من صلبانهم وخمورهم ، وخنازيرهم ، وجوز لهم أبو حنيفة إظهار خمورهم وخنازيرهم ؟ لأنها عنده من جملة أموالهم المضمونة الاستهلاك وهذا فاسد ؛ لقول النبي ( ص )
الإسلام يعلوا ولا يعلى
.