الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص338
وقال غيره ، جبل السراة في جزيرة العرب وهو أعظم جبالها يقبل من ثغرة اليمن حتى ينتهي إلى وادي الشام فما دون هذا الجبل في غرسية من أسياف البحر إلى ذات عرق ، والجحفة هو تهامة ، و ما دون هذا الجبل في شرقي ما بين أطراف العراق إلى السماوة ، فهو نجد .
وأما الحجاز فهو حاجز بين تهامة ونجد ، وهو منهما ، وحده مختلف فيه ، فقال قوم : هو ما احتجز بالجبل في شرقيه وغربيه عن بلاد مذحج إلى فيد .
وقال آخرون : هو اثنا عشرة داراً للعرب .
فالحد الأول : بطن مكة ، وأعلا رمة ، وظهره وحرة ليلى .
والحد الثاني : يلي الشام شفي وبدا ، وهما جبلان .
والحد الثالث : يلي تهامة بدر ، والسقيا ، ورهاط ، وعكاظ .
والحد الرابع : ساكة وودان .
واختلف في تسميته بالحجاز ، فقال الأصمعي ، لأنه حجز بين نجد وتهامة .
وقال ابن الكلبي : سمي حجازا لما احجز من الجبال وأما غير الحجاز فضل من بلاد الإسلام ، فمن دخلها من المشركين بغير ذمة ولا عهد فهو حرب كالأسرى يغنم ويسبى ، ويكون الإمام فيه مخيرا كتخييره في الأسير بين الأحكام الأربعة من القتل أو الأسر أو المن أو الفداء ، ويجوز أن يعفو من سبى ذريته بخلاف السبايا في الحرب ؛ لأن الغانمين قد ملكوهم ؛ فلا يصح العفو عنهم إلا بإذنهم ، وذرية هذا الداخل بغير عهد لم يملكهم أحد ، فجاز فوق الإمام .
فأما من دخل دار الإسلام بأمان ، فضربان : أهل ذمة ، وأهل عهد .
فأما أهل الذمة ، فهو المستوطن ، ولا يجوز استيطانهم إلا بجزية إذا كانوا أهل كتاب ، أو شبهة كتاب .
وأما أهل العهد ، فهو الداخل إلى بلاد الإسلام بغير استيطان ، فيكون مقامهم مقصورا على مدة لا يتجاوزونها ، وهي أربعة أشهر لقول الله تعالى : ( فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ) [ التوبة : 2 ] .
فأما مدة سنة ، فلا يجوز أن يقيموها إلا بجزية ، وفي جواز إقامتهم بغير جزية فيما بين أربعة أشهر وبين سنة قولان :
أحدهما : يجوز لأنها دون السنة كالأربعة .