الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص336
ولو أراد مشرك أن يدخل الحرم ، ليسلم به منع من دخوله ، حتى يسلم ، ثم يدخله بعد إسلامه ، فلو صالح الإمام مشركا على دخول الحرم بمال بذله كان الصلح باطلا ، ويمنع المشرك من الدخول ، فإن دخل إليه أخرج منه ، ولزمه المال الذي بذله مع فساد الصلح ، لحصول ما أراد من الدخول ، واستحق عليه ما سماه دون أجرة المثل ، وإن فسد ، لأنه لا أجرة لمثله لتحريمه .
وحد الحرم من طريق المدينة دون التنعيم عند بيوت نفار على ثلاثة أميال .
ومن طريق العراق على بنية خل بالمقطع على سبعة أميال .
ومن طريق الجعرانة من شعب آل عبد الله بن خالد على تسعة أميال ،
ومن طريق الطائف على عرفة من بطن نمرة على سبعة أميال .
ومن طريق جدة منقطع الأعشاش على عشرة أميال .
ودليلنا : ما رواه عبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كانت آخر ما عهد به رسول الله ( ص ) أن قال
لا يجتمع في جزيرة العرب دينان
وهذا نص .
ولما قبضه الله تعالى قبل عمله به لم يسقط حكم قوله ، وتشاغل أبو بكر في أيامه مع قصرها بأهل الردة ، ومانعي الزكاة ، وتطاولت الأيام بعمر – رضي الله عنه – وتكاملت له جزيرة العرب ، وفتح ما جاورها – نفذ أمر رسول الله ( ص ) فيهم ، فاجتمع رأيه ، ورأي الصحابة – رضي الله عنهم – على إجلائهم وكان فيهم تجار وأطباء ، وصناع ، يحتاج المسلمون إليهم فضرب لمن قدم منهم تاجرا ، وصانعا مقام ثلاثة أيام ينادي فيهم ، بعدها أخرجوا ، وهنا إجماع بعد نص لا يجوز خلافهما ، ولأن رسول الله ( ص ) قال ليهود خيبر حين ساقاهم على نخلها : ‘ أقركم ما أقركم الله ‘ فدل على أن مقامهم غير مستدام ، وأن لحظره فيهم حكما مستجدا .
وروي عنه ( ص ) أنه قال
لئن عشت إلى قابل لأنفين اليهود من جزيرة العرب
فمات قبل نفيهم ، ولأن الحجاز لما اختص بحرم الله تعالى ، ومبعث رسالته ومستقر دينه ، ومهاجرة رسوله ( ص ) صار أشرف من غيره ، فكانت حرمته أغلظ ، فجاز أن يصان عن أهل الشرك كالحرم