پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص334

أقروا به عمل عليها ، واستوفى ما لم يأخذه من الزيادة ، وعاد إلى ديوانه ، فأثبت ما قامت به البينة بعدما أخذ من الإقرار ، وصار ذلك حكما مؤبدا ، والله أعلم .

( مسألة )

: قال الشافعي : ‘ وليس للإمام أن يصالح أحدا منهم على أن يسكن الحجاز بحال ولا يبين أن يحرم أن يمر ذمي بالحجاز مارا لا يقيم بها أكثر من ثلاث ليال ، وذلك مقام مسافر ، لاحتمال أمر النبي ( ص ) بإجلائهم عنها أن لا يسكنوها ولا بأس أن يدخلها الرسل لقوله تعالى : ( وإن أحد من المشركين أستجارك ) الآية ولولا أن عمر رضي الله عنه أجل من قدم المدينة منهم تاجرا ثلاثة أيام لا يقيم فيها بعد ثلاث لرأيت أن لا يصالحوا على أن لا يدخلوها بحال ولا يتركوا يدخلونها إلا بصلح كما كان عمر رضي الله عنه يأخذ من أموالهم إذا دخلوا المدينة ‘ .

قال الماوردي : اعلم أن بلاد الإسلام ثلاثة أقسام : حرم ، وحجاز ، وما عداهما .

فأما الحرم ، فهو أشرفها ، لما خصه الله تعالى من بيته الحرام الذي علق عليه الصلاة والحج ، وشرفه بهاتين العبادتين ما ميزه من سائر البلاد بحكمين :

أحدهما : أن لا يدخله قادم إلا محرم بحج أو عمرة .

والثاني : تحريم صيده أن يصاد ، وشجره أن يعضد .

ولما كانت له هذه الحرمة ، فلا يجوز أن يدخله مشرك من كتابي ، ولا وثني لمقام ، ولا اجتياز .

وقال أبو حنيفة : يجوز دخولهم إليه للتجارة وحمل الميرة من غير استيطان ، ويمنعون من الطواف بالبيت ، احتجاجا بأن شرف البقاع لا يمنع من دخولهم إليها كالمساجد ، ولما لم تمنع الجنابة من دخوله لم يمنع منه المشرك .

وقال جابر بن عبد الله ، وقتادة يجوز أن يقيم فيه الذمي دون الوثني ، والعبد المشرك إذا كان ملكا لمسلم ، لأن رسول الله ( ص ) ‘ أخذ الجزية من نصراني بمكة يقال له موهب ‘ ، ولا تؤخذ الجزية إلا من مستوطن ، وهذا خطأ ، لقول الله تعالى ( إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ) [ التوبة : 28 ] . وفي قوله : ( نجس ) ثلاثة تأويلات :

أحدها : أنهم أنجاس الأبدان ، كنجاسة الكلب والخنزير ، وهذا قول عمر بن عبد العزيز والحسن البصري ، حتى أوجب الحسن البصري الوضوء على من ضاجعهم .

والثاني : أنه سماهم أنجاسا لأنهم يجنبون ، فلا يغتسلون ، فصاروا لوجوب الغسل عليهم كالأنجاس ، وإن لم يكونوا أنجاسا ، وهذا قول قتادة