پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص333

وإن انتفت عنه الريبة ، وكان تحت ختم أمناء الكتاب ففي جواز العمل عليه وجهان :

أحدهما : لا يجوز العمل عليه في حقوق بيت المال ، كما لا يجوز أن يعمل عليه القضاة والحكام ، وعلى هذا لو ادعى ذمي دفع جزيته ببراءة أحضرها لم يبرأ بها .

والوجه الثاني : يجوز أن يعمل عليه في حقوق بيت المال اعتبارا بعرف الأئمة فيه ؛ لأن الديوان موضوع له ، وكما يجوز في رواية الحديث أن يعمل الراوي على خطه إذا تحققه ، وخالف ما عليه القضاة والحكام من العمل بما في دواوينهم من وجهين :

أحدهما : أن حقوق بيت المال عامة ، فكان حكمها أوسع ، وأحكام القضاة خاصة ، فكان حكمها أضيق .

والثاني : أن حقوق بيت المال لا يتعين مستحقها ، ويتعذر من يتولى الإشهاد فيها ، وحقوق الخصوم عند القضاة ، يتعين مستحقها ، ولا يتعذر عليه أن يتولى الإشهاد فيها .

وعلى هذا لو ادعى ذمي دفع جزيته ببراءة أحضرها تقع في النفس صحتها برىء منها .

( فصل )

: فإن لم يجد الإمام ما يعمل عليه من جزيتهم من خبر مستفيض ، ولا شهادة خاصة ، ولا ديوان موثوق ، وبصحته أو وجده ، وقلنا : إنه لا يجوز أن يعمل به ، فعليه أن يجمع أهل الذمة من جميع الأمصار ، ويسألهم عن قدر جزيتهم ، والأولى أن يسألهم أفرادا غير مجتمعين ، فإذا اعترفوا بقدر يجوز أن يكون جزية لم يقبل منهم ، وكان معهم على ما مضى ، لو صولحوا على ما لا يجوز

وإن اعترفوا بقدر يجوز أن يكون جزية قبله منهم ، ولهم فيه حالتان .

إحداهما : أن يتفقوا جميعا على القدر ، فيعمل عليه مع جميعهم بعد إحلافهم عليه ، واليمين واحدة .

والحال الثانية : أن يختلفوا فيها ، فيقر بعضهم بدينار ، ويقر بعضهم بأكثر ، فيلزم كل واحد منهم ما أقر به ، ولا تقبل شهادة بعضهم على بعض ، وإن جوزه أبو حنيفة ويكتب الإمام في ديوان الجزية أنه رجع إلى قولهم حين أشكل عليهم صلحهم ، فاعترفوا بكذا وكذا .

وإن اختلفوا أثبت أسماء المختلفين ، وما لزم كل واحد بإقراره ، وأنه أمضاه بعد أحلافه ، لجواز أن تتجدد بينة عادلة ، يخالفها ، فيحكم بها ، وإن قامت بينة بأكثرهما