الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص332
وجوز أبو حنيفة أن يكون ذميا بناء على أصله في قبول شهادة بعضهم لبعض .
والثاني : أن يعرف حال من دخل في جزيتهم ، ومن خرج منها فيثبته ، والداخل فيها : الصبي إذا بلغ ، والمجنون إذا أفاق ، والعبد إذا عتق .
والخارج منها : من مات أو جن بعد إفاقته ، أو افتقر بعد غناه على أحد القولين . وكذلك من عمي أو زمن ، ويعرف حال من نقض عهده ، ولا يجوز أن يكون من قام بهذا من العرفاء إلا مسلم . والثالث : أن يحضرهم إذا أريدوا لأداء الجزيرة ، ولاستيفاء حق عليهم ، وليشكوا إليه ، ما ينهيه عنهم إلى الإمام من حق لهم يستوفونه ، أو من تعدي مسلم عليهم يكف عنهم ، ويجوز أن يكون من قام بهذا من العرفاء ذميا منهم ، لأنها نيابة عنهم ، لا يعمل فيها على خبره .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا عقد الإمام معهم الذمة على جزية وشروط يجوز مثلها ، وجب على من بعده من الأئمة إمضاء عهده ، وأجرى أهل الذمة فيه على شرطه ، لأن عقد الذمة مؤبد .
فإن كان في عقده ما يمنع من الشرع ، وهو أن يصالحهم على أقل من دينار ، أو يشترط لهم شروطا يمنع الشرع منها أبطل الإمام بعده ذلك ، واستأنف الصلح معهم على ما يجوز في الشرع ، فإن أجابوه إليه غير في الديوان ما تقدم من الصلح الفاسد ، وأثبتت فيه ما استأنفه من الصلح الجائز .
وإن امتنعوا من إجابتهم إليه نقض عهدهم ، وبلغهم منهم ، وعادوا حرما .
وإن لم تعرف استفاضتها رجع إلى شهادة العدول من المسلمين ، فإذا شهد منهم عدلان بمقدار من الجزية يجوز أن يصالحوا على مثله حكم بشهادتهم ، وإن لم يشهد به عدلان ، وكان في ديوانهم الموضوع بجزيتهم قدر جزيتهم ، وشروط صلحهم ، فإن ارتاب به ولم تقع في النفس صحته ، لخطوط مشتبهة ، لم يجز أن يعمل عليه .