الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص330
يمنعوا منه ، وإن خيف اعتراضهم وجرحهم فيه منعوا منه ، ولا يمنعون من تعليم الشعر والنحو ، ومنعهم بعض الفقهاء من تعلمه ، لأنه في استقامة ألسنتهم به تطاولا على من قصر فيه من المسلمين ، وأنهم ربما استعانوا به في الاعتراض على القرآن . وهذا فاسد ، لأنه ليس من حلوم الدين ، وأشبه علم الطب والحساب ، ولأن الله تعالى .
قد صان كتابه عن قدم بدليل ، واعتراض بحجة .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، ولهم في ذلك ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يكرهوا المسلمين على شرب الخمر ، وأكل الخنزير ، فإن التبعة فيه عليهم لا على المسلم ، فيعزروا سواء شرط عليهم في عهدهم ، أو لم يشرط ، ولا ينتقض به العهد إن لم يشترط ، وفي انتقاضه به إن شرط وجهان :
والحال الثانية : أن يغلبهم المسلم عليه كرها ، فيشرب خمرهم ، ويأكل خنزيرهم ، فيقام على المسلم حد الخمر ، ويعزر لأكل الخنزير ، ويعزر في حق أهل الذمة ، لتعديه عليهم ، ولا قيمة عليه ، فيما شربه من الخمر وأكله من الخنزير .
والحالة الثالثة : أن يعرضوه على المسلم من غير إكراه ويقبله المسلم منهم من غير تغليب ، فيقام على المسلم حد الخمر في حق الله تعالى ، ولا يعزر في حقهم ، ويعزر الذمي ، إن كان ذلك مشروطا في عهدهم ، ولا يعزر إن لم يشترط ، وهكذا لو ابتدأ المسلم بطلبه ، فأجابوه إلا أن تعزيرهم في الابتداء بعرضه أغلظ من تعزيرهم في إجابتهم ، وإن استوت الحالات في حد المسلم وتعزيره .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، وقد ذكرناه من قبل أن تفردوا بملكه وسكناه من القرى والبلاد لم يعترض عليهم في إظهار خمورهم وخنازيرهم فيه ، وضرب نواقيسهم ، وابتناء بيعهم وكنائسهم ، وتعلية منازلهم ، وترك الغيار والزنار ولأنها زادهم ، فأشبهت دواخل منازلهم . فأما ركوبهم الخيل فيها فيحتمل وجهين :