پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص326

والثالث : في مواكبهم .

فأما المعتبر في ملابسهم فالاختيار أن يجمع فيه بين أمرين :

أحدهما : لبس الغيار .

والثاني : شد الزنار .

فأما الغيار ، فهو أن يغيروا لون ثوب واحد من ملابسهم لا يلبس المسلمون مثل لونه ، إما في عمائهم ، وإما في قمصهم ، ويكونوا فيما سواه مثل ملابس المسلمين ، ويفرق بين غيار اليهود والنصارى ، ليتميزوا ، وعادة اليهود أن يكون غيارهم العسلي ، وهو الماثل إلى الصفرة كالعسل ، وربما غيروا بنوع من الأزرق يخالف معهود الأزرق ، وغيار النصارى أن يكون غيارهم الأدكن ، وهو نوع من الفاختي ، وربما غيروا بنوع من الصوف .

وليست هذه الألوان شرطا لا يتجاوز إنما الاعتبار بلون متميز فإذا صار مألوفا منعوا من العدول عنه إلى غيره ، لئلا يقع الاشتباه والإشكال ، فإن تشابه اليهود والنصارى في لون الغيار جاز ، وإن كان تميزهم فيه أولى .

وأما الزنار فهو كالخيط المستغلظ يشدونه في أوساطهم فوق ثيابهم ، وأرديتهم ، ويمنعوا أن يستبدلوا بشد المناطق والمنديل ، لأن المنطقة من لبس المتخصصين بالرتب من المسلمين ، والمناديل في الأوساط من لبس ذوي الصنائع من المسلمين ، فلم يتميز بها أهل الذمة ، وجميع الألوان من الزنانير سواء بخلاف الغيار ، لأن أصل الزنار كالغيار .

فإن شرط على أهل الذمة أحد الأمرين في غيار أو زنار جاز ، لأنهم يتميزون به ، وإن شرط عليهم الجمع بين الغيار والزنار أخذوا بهما معا ، لأنه أبلغ في التميز من أحدهما . فأما نساء أهل الذمة ، فيؤخذون بلبس الغيار في الخمار الظاهر الذي يشاهد ، ويلبسوا خفين من لونين أحدهما : أسود ، والآخر : أحمر أو أبيض ، ليتميز نساؤهم عن نساء المسلمين ، ويؤخذوا بشد الزنار دون الخمار ، لئلا تصفها بثيابها بعد أن يكون ظاهرا ، فإن اقتصر في النساء على التميز بأحدهما جاز ، وإن كان الجمع بين الثلاثة أولى ، فإن لبس أهل الذمة العمائم والطيالسة ، لم يمنعوا .

وقال أبو حنيفة وأحمد بن حنبل : يمنعون من لبس العمائم والطيالسة ، لأنها من أجمل ملابس المسلمين ، وهذا ليس بصحيح ، لأن المقصود تميزهم عن المسلمين ، فإذا تميزوا بالغيار والزنار جاز أن يساووهم في صفات ملابسهم كما يساووهم في أنواع مأكلهم .