الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص323
كفرهم ، فهي المخصوصة بالحظر والمنع ، فأما بناء ما سواها فضربان :
أحدهما : أن تكون أملاكا خاصة ، يسكنها أربابها ، فلا يمنعوا بنائها ، ولا أن يبيعها المسلمون عليهم ، ويشترونها منهم ، لأنها منازل سكنى ، وليست بيوت صلاة .
والضرب الثاني : أن يبنوا ما يسكنه بنو السبيل منهم لكل مار ومجتاز ، ولا يختص أحد منهم بملكه ، فينظر .
فإن شاركهم المسلمون في سكناه فجعلوه لكل مار من مسلم وذمي جاز ، ولم يمنعوا من بقائه ، وإن جعلوه مقصورا على أهل دينهم دون المسلمين ، ففي جواز تمليكهم من بنائه وجهان :
أحدهما : يجوز ، لأنه منزل سكن ، فصار كالمنزل الخاص .
والوجه الثاني : لا يجوز أن يمكنوا منه كالبيع والكنائس ، لأنه قد صار مقصورا عليهم عموما ، ليتعبد فيه سابلتهم ، فلم يكن بينه وبين البيع والكنائس فرق ، وقد يؤول بهم إلى أن يصير بيعة أو كنيسة لهم .
أحدهما : وهو قول أبي سعيد الإصطخري : يمنعون من إعادة بنائها ، ويكون إقرارهم عليها ما كانت باقية على عمارتها ، لأن عمر – رضي الله عنه – شرط على نصارى الشام أن لا يجددوا ما خرب منها .
والوجه الثاني : يجوز لهم إعادة بنائها استصحابا لحكمها ، وأن الأبنية لا تبقى على الأبد ، فلو منعوا من بنائها بطلت عليهم .
والصحيح عندي من إطلاق هذين الوجهين أن ينظر في خرابها ، فإن صارت دارسة مستطرفة كالموات منعوا من بنائها ، لأنه استئناف إنشاء ، وإن كانت شعثة باقية الآثار والجدران جاز لهم بناؤها ، ولو هدموها لاستئنافها لم يمنعوا ، لأن عمارة المستهدم استصلاح وإنشاء الدارس استئناف .
قال الماوردي : اعلم أنه لا تخلو مساكنهم في بلاد الإسلام من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يستأنفوا بناءها .
والثاني : أن يستديموا سكناها .
والثالث : أن يعيدوا بناءها .