الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص317
والخامس : ما لم يجب بعقد ولا شرط .
فأما القسم الأول : وهو ما وجب بالعقد ، وكان الشرط فيه مؤكدا لا موجبا فثلاثة أشياء :
أحدها : التزام الجزية ، لقول الله تعالى ( حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) [ التوبة : 29 ] أي يضمنوها .
والثاني : التزام أحكامها بالإسلام فيما أجابوه من المسلمين ، لقوله تعالى : ( وهم صاغرون ) والصغار : أن تجري أحكام الإسلام عليهم .
والثالث : أن لا يجتمعوا على قتال المسلمين ، ليكونوا آمنين منهم كما أمنوهم نقضا لعهدهم ، فلو قاتل المسلمين بعضهم ، وقعد عنهم بعضهم انتقض عقد المقاتل ، ونظر في القاعد ، فإن ظهر منه الرضا كان نقضا لعهده ، وإن لم يظهر منه الرضا كان على عهده ، ولو امتنعوا جميعا من بذل الجزية كان نقضا لعهدهم سواء امتنعوا جميعا من التزامها أو من أدائها وإن امتنع واحد منهم من بذلها نظر ، فإن امتنع من التزامها كان نقضا لعهده كالجماعة ، وإن امتنع من أدائها مع بقائه على التزامها لم يكن نقضا لعهده ، وأخذت منه بخلاف الجماعة ، لأن إجبار الجماعة عليها متعذر ، وإجبار الواحد عليها ممكن .
وقال أبو حنيفة : لا ينتقض عهدهم إذا امتنعوا من أدائها ، وينتقض إذا امتنعوا من بذلها كالآحاد ، وفيما ذكرنا من الفرق .
أحدها : أن لا يذكروا كتاب الله بطعن عليه ولا تحريف له .
والثاني : أن لا يذكروا رسول الله ( ص ) بتكذيب له ، ولا إزراء عليه .
والثالث : أن لا يذكروا دين الله بذم له ، ولا قدح فيه .
والرابع : أن لا يفتنوا مسلما عن دينه ، ولا يتعرضوا لدمه أو ماله .
والخامس : أن لا يصيبوا مسلمة بزنا ، ولا باسم نكاح .
والسادس : أن لا يعينوا أهل الحرب ، ولا يؤوا عينا لهم ، ولا ينقلوا أخبار المسلمين إليهم .
فهذه الستة تجب بالشرط ، وفي وجوبها بالعقد قولان :
أحدهما : تجب بالعقد ، ويكون الشرط تأكيدا ، تعليلا بدخول الضرر بها على المسلمين ، فعلى هذا إن خالفوها انتقض عهدهم .