پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص301

أحدهما : : أن يكون معتملا يكسب بعمله في السنة قدر جزيته فاضلة عن نفقته ، فالجزية عليه واجبة .

والضرب الثاني : أن يكون غير معتمل لا يقدر على الاكتساب إلا بالمسألة لقدر قوته من غير فضل ، ففي وجوب الجزية عليه قولان :

أحدهما : وهو المنصوص عليه في كتاب الجزية ، وعامة كتبه أنها واجبة عليه ، ولا تعقد له الذمة إلا بها ، وهو اختيار المزني .

والقول الثاني : نص عليه في سير الواقدي : أنه لا جزية عليه ، ويكون في عقد الذمة تبعا لأهل المسكنة ، كالنساء والعبيد ، وبه قال أبو حنيفة ، احتجاجا بأن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – حين طبق في الجزية أهل العراق ثلاث طبقات ، جعل أدناها الفقير المعتمل ، فدل على سقوطها عن غير المعتمل ، ولأنه مال يجب في كل حول ، فلم تجب على الفقير كالزكاة ، ولأن الجزية ضربان على الرؤوس والأرضين ، فلما سقطت عن الأرض إذا أعوز نفقتها ، سقطت عن الرؤوس إذا أعوز وجودها .

والدليل على وجوبها على الفقير ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ، ولا باليوم الآخر ) إلى قوله ( حتى يعطوا الجزية عن يد ) [ التوبة : 29 ] فلما كان قتالهم عاما في الموسر والمعسر وجب أن يكون ما جعله غاية في الكف عن قتالهم من بذل الجزية عاما في الموسر والمعسر ، لأن النبي ( ص ) قال لمعاذ بن جبل _ حين بعثه إلى اليمن : ‘ ‘ خذ من كل حالم دينارا ‘ ، وقد علم أن فيهم فقيرا ، ولم يميزهم ، فدل على أخذها منهم . فإن قيل : فالأمر بالأخذ في الكتاب والسنة مشروطة بالقدرة ، ويسقط التكليف فيما خرج من القدرة .

قيل : هذا الأمر إنما توجه إلى الضمان دون الدفع ، لأنه في ابتداء الحول ، والدفع يكون بعد الحول ، وقد يتوجه الضمان إلى المعسر ليدفعه إذا أيسر كسائر الحقوق .

ومن القياس أنه حر مكلف ، فلم يجز إقراره على كفره في دار الإسلام بغير جزية كالموسر وفيه احتراز من المرأة ؛ لأنها تدخل في اللفظ المذكر ، ولأن كل من حل قتله بالأسر لم تسقط عنه الجزية بالفقر كالغني إذا افتقر ، ولأنه أحد سببي ما يحقن به الدم ، فوجب أن يقوى فيه الغني والفقير كالإسلام ، ولأن الجزية في مقابلة أمرين :

أحدهما : حقن الدم .

والآخر : الإقرار في دارنا على الكفر