الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص299
فعلى الأول لا نلزمهم أحكامنا .
وعلى الثاني نلزمهم أحكامنا ، ولا تلزم من عداهم قولا واحدا ، ولا يتولى عقد الذمة إلا الإمام وإذا بذلوا الجزية وجب على الإمام أن يعقد لهم الذمة .
قال الماوردي : اختلف الفقهاء في أقل الجزية وأكثرها ، فذهب الشافعي إلى ان أقلها مقدر بدينار لا يجوز الاقتصار على أقل منه من غني ولا فقير ، وأكثرها غير مقدر ، وهو موكل إلى اجتهاد الإمام . فإن لم يجيبوا إلى الزيادة على الدينار من غني ولا فقير وجب على الإمام إجابتهم إليه وإن طبقوا أنفسهم بالغنى والتوسط ، والذي عاقدهم عليه .
وقال أبو حنيفة : هي مقدرة الأقل والأكثر بحسب طبقاتهم ، فيؤخذ من الغني ثمانية وأربعون درهما مصارفة اثنا عشر بدينار ، ومن المتوسط أربعة وعشرين درهما ، ومن الفقير المعتمل اثنا عشر درهما .
وقال سفيان الثوري : لا يتقدر أقلها ، ولا أكثرها ، وهي موكولة إلى اجتهاد الإمام في أقلها وأكثرها ، فإن رأى الإقصار على أقل من دينار جاز ، وإن رأى الزيادة على الأربعة فعل .
وقد حكي عن مالك كلا المذهبين من قول أبي حنيفة ، وقول سفيان .
واستدل أبو حنيفة على تقدير أقلها وأكثرها بأن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – ضرب الجزية على أهل الذمة فيما فتحه من سواد العراق ، على الفقير المعتمل اثنا عشر درهما وعلى المتوسط أربعة وعشرون درهما ، وعلى الغني ثمانية وأربعون درهما عن رأي شاور فيه الصحابة ، فصار إجماعا ، ولأنه مال يتعين وجوبه بالحول ، فوجب أن يختلف بزيادة المال كالزكاة ، ولأن المأخوذ بالشرك صار جزية وخراجا ، فلما اختلف الخراج باختلاف المال وجب أن تختلف الجزية باختلاف المال
واستدل الثوري بأن قال : الهدنة لما كانت موكولة إلى اجتهاد الإمام ، ولم يتقدر أقلها وأكثرها وجب أن تكون الجزية بمثابتها لا يتقدر أقلها وأكثرها .
ودليلنا ما رواه أبو وائل شقيق بن سلمة عن مسروق ، عن معاذ بن جبل أن النبي ( ص ) أمره حين بعثه إلى اليمن أن يأخذ من كل حالم دينارا ، وعدله من المعافر ،