الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص298
فأما الوجهان في الموافقة :
فأحدهما : الأمان .
والثاني : كفهم عن مطاولة الإسلام .
وأما الوجهان من المخالفة .
فأحدهما : اختصاص الذمة بأهل الكتاب ، وعموم ما عداها في أهل الكتاب وغير أهل الكتاب .
والثاني : وجوب الجزية على أهل الذمة ، وسقوطها عن غير أهل الذمة .
وأما الوجهان في الزيادة .
فأحدهما : أن عقد الذمة مؤبد ، وما عداه مقدر ، فإن قدرها بمدة فهي ناقصة عن حكم الكمال ، ويتقدر أقلها بسنة يستحق فيها الجزية ، ولا يتقدر أكثرها بالشرع ، وتتقدر بالشرط ، وإن زادت على مدة الهدنة أضعافا لأنها لما انعقدت على الأبد جاز أن تعقد مقدرة بأكثر الأبد .
والثاني : أن عقد الذمة يوجب الذب عنهم من كل من أرادهم من مسلم وكافر ، وما عداه يوجب ذب المسلمين عنهم دون غيرهم .
فإن عقدها لأهل الذمة على أن لا يذب أهل الحرب عنهم نظر .
فإن كانوا في بلاد الإسلام لم يجز ، وإن كانوا في بلاد الحرب جاز ، لأن التمكين منهم في بلاد الإسلام تسليط لأهل الحرب على المسلمين ، ولو عقد العهد على أن يمنع أهل الحرب عنهم ، فإن كانوا في بلاد الإسلام جاز ، وإن كانوا في دار الحرب لم يجز إلا بشرطين :
أحدهما : أن يعلم الإمام من نفسه قوة على المنع .
والثاني : أن يعقدها على مال يبذلونه .
فإن عدم أحد الشرطين لم يجز .
فأما جريان أحكامنا عليهم ، فقد قال الشافعي في تأويل قول الله تعالى : ( حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) [ التوبة : 29 ] . إن الصغار أن يجري عليهم أحكام الإسلام ، وله في المراد بهذه الأحكام قولان :
أحدهما : التحكم بالقوة والاستطالة .
والثاني : الأحكام الشرعية .