پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص296

( باب الجزية على أهل الكتاب والضيافة وما لهم وعليهم )

قال الشافعي رحمه الله : ‘ أمر الله تعالى بقتال المشركين من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون قال والصغار أن تؤخذ منهم وتجرى عليهم أحكام الإسلام ‘ .

قال الماوردي : اعلم أن ما تحقن به دماء المشركين ينقسم أربعة أقسام : هدنة ، وعهد ، وأمان ، وذمة .

فأما القسم الأول : وهو الهدنة : فهو أن يوادع أهل الحرب في دارهم على ترك القتال مدة أكثرها عشر سنين ، كما هادن رسول الله ( ص ) قريشا عام الحديبية ، فلا يجوز أن يتولى عقدها إلا الإمام أو من يستنيبه فيها عند الحاجة إليها ، وظهور المصلحة فيها .

ويجوز أن يعقد على مال يؤخذ منهم إذا أمكن وعلى غير مال إذا تعذر ، وعلى مال يدفع إليهم عند الضرورة كالذي هم به رسول الله ( ص ) عام الخندق حين تمالأت عليه قريش ، وغطفان والأحابيش أن يعطيهم شطر ثمار المدينة ، لينصرفوا عنها ، فقال أهلها من الأنصار : يا رسول الله إن كنت تفعل هذا بوحي من السماء فالسمع والطاعة وإن كان رأيا رأيته فوالله ما كنا نعطيهم في الجاهلية تمرة إلا قرى أو شرا فكيف وقد أعزنا الله بالإسلام ؟ فلما عرف قوة أنفسهم كف ، وصابرهم على القتال حتى انصرفوا ، فكان فيما هم بفعله من ذلك دليل على جوازه .

( فصل )

: وأما القسم الثاني : وهو العهد : فهو أن يجعل لمن دخل من المشركين إلى دار الإسلام أمان إلى مدة مقدرة بأربعة أشهر ، ولا يجوز أن تبلغ سنة ، وفيما بين أربعة أشهر وسنة قولان .

فإن كان على مال يؤخذ منهم كان أولى ، وإن كان على غير مال جاز ، ولا يجوز أن يعقد على مال ويدفع إليهم ، ولا أن يتولى عهدهم غير الإمام ، فيكون العهد موافقا للهدنة من وجهين ، ومخالفا لها من وجهين :

فأما الوجهان في الموافقة :