الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص294
قال الماوردي : أما الصابئة ، فطائفة تنضم إلى النصارى ، والسامرة طائفة تنضم إلى اليهود ، ولا يخلو حال انضمامهما إلى اليهود والنصارى من خمسة أقسام
أحدها : أن نعلم أنهم يوافقون اليهود والنصارى في أصول دينهم ، وفروعه ، فيجوز أن يقروا بالجزية ، وتنكح نساؤهم ، وتؤكل ذبائحهم .
والقسم الثاني : أن يخالفوا اليهود والنصارى في أصول دينهم وفروعه ، فلا يجوز إقرارهم بالجزية ، ولا تستباح مناكحهم ، ولا تؤكل ذبائحهم كعبدة الأوثان .
والقسم الثالث : أن يوافقوا اليهود والنصارى في أصول دينهم ، ويخالفوهم في فروعه ، فيجوز أن يقروا بالجزية وتستباح مناكحهم ، وأكل ذبائحهم ، لأن الأحكام تجري على أصول الأديان ، ولا يؤثر الاختلاف في فروعها كما لم يؤثر اختلاف المسلمين في فروع دينهم .
والقسم الرابع : أن يوافقوا اليهود والنصارى في فروع دينهم ، ويخالفوهم في أصوله ، فلا يجوز أن يقروا بالجزية ولا تستباح مناكحهم ، ولا أكل ذبائحهم تعليلا باعتبار الأصول في الدين .
والقسم الخامس : أن يشكل أمرهم : ولا يعلم ما خلفوهم فيه ، ووافقوهم عليه من أصل وفرع ، فيقروا بالجزية حقنا لدمائهم ، ولا تنكح نساؤهم ، ولا تؤكل ذبائحهم تغليبا للحظر في الأمرين كالذي قلناه فيمن أشكل دخوله في اليهودية والنصرانية ، هل كان من المبدلين .
فإن أسلم اثنان من الصابئين والسامرة ، فشهدا بما وافقوا عليه اليهود والنصارى من أصل وفرع حكم بشهادتهما ، وأجرى عليهم حكمها ، ولا يراعى في هذه الشهادة عدد التواتر ، ويراعى عدد التواتر فيمن ادعوا أن لهم كتابا غير التوراة والإنجيل ، لأن هذا إخبار عن أصل دين مجهول ، فراعينا فيه خبر التواتر والاستفاضة و ومعتقد الصابئين والسامرة دين معروف يعول في صفته على الشهادة فافترقا وقد قال ابن أبي هريرة : إن السامرة من نسل السامري ، وإنهم اعتزلوا عن اليهود بأن يقولوا لا مساس فإن كان هذا صحيحا فهم من بني إسرائيل يحل نكاح نسائهم ، وأكل ذبائحهم .
وقال أبو سعيد الإصطخري في الصابئين : إنهم يقولون : إن الملك حي ناطق وإن الكواكب السبعة آلهة واستفتى فيهم في أيام القاهر فأفتى فهمّ القاهر بقتلهم ، وإن