پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص291

فأما استباحة مناكحهم ، وأكل ذبائحهم ، فلا يقبل قولهم فيها ، لأنها على أصل الحظر ، فلا تستباح بقول من لا يوثق بصدقه . والله أعلم .

( مسألة )

: قال الشافعي : ‘ والمجوس أهل كتاب دانوا بغير دين أهل الأوثان وخالفوا اليهود والنصارى في بعض دينهم كما خالفت اليهود والنصارى في بعض دينهم وكانت المجوس في طرف من الأرض لا يعرف السلف من أهل الحجاز من دينهم ما يعرفون من دين اليهود والنصارى حتى عرفوه وأن النبي ( ص ) أخذها من مجوس هجر وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه هم أهل كتاب بدلوا فأصبحوا وقد أسري بكتابهم وأخذها منهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ‘ .

قال الماوردي : وأما المجوس ، فقد كانوا على بعد من الحجاز ، وكانت ديارهم العراق وفارس ، وهم يتديون بنبوة زرادشت وإقرارهم بالجزية متفق عليه ، لما رواه الشافعي أن رسول الله ( ص ) : ‘ أخذ الجزية من مجوس هجر ‘ وروي أن عمر أشكل عليه أمر المجوس حين افتتح بلادهم بالعراق ، وقال : ما أدري ما أصنع في أمرهم ؟ فقال له عبد الرحمن بن عوف : أشهد لقد سمعت رسول الله ( ص ) يقول : ‘ سنوا بهم سنة أهل الكتاب ‘ فأخذ عمر منهم الجزية بالعراق وفارس ، وقد كان أبو بكر أخذها منهم فيما افتتحه من أطراف العراق ، وأخذها بعدهما عثمان وعلي ، فكان أخذها منهم سنّة عن الرسول ( ص ) وأثرا عن الخلفاء الراشدين .

( فصل )

: فأما كتاب المجوس : فلم يبق لهم في شريعة الإسلام كتاب ، واختلف هل كان لهم ، فذكر الشافعي فيما نقله المزني هاهنا أنهم أهل كتاب وقد نص عليه في كتاب الأم ، وقال في موضع آخر : لا كتاب لهم ، وقد علق القول في موضع ثالث ، فاختلف أصحابه في مذهبه ، فذهب البغداديون إلى أنه على قولين بحسب اختلاف نصه في الموضعين :

أحدهما : أنهم أهل كتاب .

والثاني : ليس لهم كتاب .

وذهب البصريون إلى أن قوله لم يختلف فيهم ، وحملوا قوله : إنهم أهل كتاب على أن حكمهم حكم أهل الكتاب في إقرارهم بالجزية خاصة ، وقوله : إنه لا كتاب لهم في أنه لا تستباح مناكحهم ، ولا تؤكل ذبائحهم ، وأنهم لا يتلون كتابا لهم .

والذي عليه الجمهور من أصحابنا ما قاله البغداديون من القولين دون ما ذهب إليه البصريون من اختلاف الحالين .