الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص291
فأما استباحة مناكحهم ، وأكل ذبائحهم ، فلا يقبل قولهم فيها ، لأنها على أصل الحظر ، فلا تستباح بقول من لا يوثق بصدقه . والله أعلم .
قال الماوردي : وأما المجوس ، فقد كانوا على بعد من الحجاز ، وكانت ديارهم العراق وفارس ، وهم يتديون بنبوة زرادشت وإقرارهم بالجزية متفق عليه ، لما رواه الشافعي أن رسول الله ( ص ) : ‘ أخذ الجزية من مجوس هجر ‘ وروي أن عمر أشكل عليه أمر المجوس حين افتتح بلادهم بالعراق ، وقال : ما أدري ما أصنع في أمرهم ؟ فقال له عبد الرحمن بن عوف : أشهد لقد سمعت رسول الله ( ص ) يقول : ‘ سنوا بهم سنة أهل الكتاب ‘ فأخذ عمر منهم الجزية بالعراق وفارس ، وقد كان أبو بكر أخذها منهم فيما افتتحه من أطراف العراق ، وأخذها بعدهما عثمان وعلي ، فكان أخذها منهم سنّة عن الرسول ( ص ) وأثرا عن الخلفاء الراشدين .
أحدهما : أنهم أهل كتاب .
والثاني : ليس لهم كتاب .
وذهب البصريون إلى أن قوله لم يختلف فيهم ، وحملوا قوله : إنهم أهل كتاب على أن حكمهم حكم أهل الكتاب في إقرارهم بالجزية خاصة ، وقوله : إنه لا كتاب لهم في أنه لا تستباح مناكحهم ، ولا تؤكل ذبائحهم ، وأنهم لا يتلون كتابا لهم .
والذي عليه الجمهور من أصحابنا ما قاله البغداديون من القولين دون ما ذهب إليه البصريون من اختلاف الحالين .