الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص289
أحدهما : أن يدخلوا فيه قبل تبديله .
والثاني : أن يدخلوا فيه بعد نسخه .
والثالث : أن يدخلوا فيه بعد تبديله وقبل نسخه .
فأما القسم الأول : وهو أن يدخلوا فيه قبل تبديله : فهم مقرون عليه بالجزية كالداخل فيه على عصر نبيه ، وسواء كان أبناؤهم الآن مبدلين أو غير مبدلين ، لأن لهم حرمتين إن لم يبدلوا وحرمة واحدة عن بدلوا ، لأن دينهم على حق بعد موت نبيهم كما كان على حق قبل موته ، فاستوت حرمة الدخول فيه من الحالين :
وأما القسم الثاني : وهو أن يدخلوا فيه بعد نسخه ، وبعد نسخ شريعة عيسى في النصرانية بشريعة الإسلام .
فأما نسخ شريعة موسى ففيه وجهان حكاهما أبو إسحاق المروزي .
أحدهما : أنها تكون منسوخة بالنصرانية – شريعة عيسى – وهو أظهرها ، لاختلافهما وأن الحق في أحدهما .
والوجه الثاني : أنها منسوخة بشريعة الإسلام دون النصرانية و لأن عيسى نسخ من شريعة موسى ما خالفها ، ولم ينسخ منها ما وافقها ، وإنما نسخ الإسلام جميع ما تقدمه من الشرائع .
فإذا ثبت ما نسخ به كل شريعة ، فمن دخل في دين بعد نسخه لم يقر عليه ، لعدم حرمته عند دخوله فيه ، فصار كعبدة الأوثان في عدم الحرمة .
وقال المزني : يقر الداخل فيه بعد نسخه كما يقر الداخل فيه قبل نسخه وتبديله ، لقول الله تعالى : ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) [ المائدة : 51 ] . وهذا فاسد بما عللنا به من عدم الحرمة فيما دخل فيه .
وقوله : ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) يعني في وجوب القتل ، لأن من تولاهم منا مرتد لا يقر على ردته .
وأما القسم الثالث : وهو أن يدخلوا فيه بعد التنزيل وقبل النسخ ، فعلى ثلاثة أقسام :
أحدهما : أن يدخلوا فيه مع غير المبدلين مثل الروم ، فيكونوا كالداخل فيه قبل التبديل في إقرارهم بالجزية ونكاح نسائهم وأكل ذبائحهم ، لأن حرمته في غير المبدلين ثابتة .