پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص288

من دان به أنه كان على حق ، فكان كتابهم مساويا للتوراة والإنجيل ، وكانوا هم مساوين لليهود والنصارى ، كما كانت التوراة والإنجيل في أيام موسى وعيسى مساويين للقرآن في نزوله على محمد ( ص ) وكان اليهود والنصارى في أيامها مساوين للمسلمين ، وليس التفاضل بينهم بمانع من التساوي في الحق .

والوجه الثاني : أنهم لا يقرون على كتابهم ، ولا تقبل جزيتهم ، ولا تنكح نساؤهم ، فيكونون مخالفين لليهود والنصارى في تمسكهم بالتوراة والإنجيل ، لأن الله تعالى لما رفعها بعد نزولها دل على ارتفاع حكمها ، فزوال حرمتها ، ولما بقي التوراة والإنجيل دل على بقاء حكمهما وثبوت حرمتهما ، وإطلاق هذين الجوابين عندي غير صحيح ، فالواجب اعتبار كتابهم ، فإن كان يتضمن تعبدا وأحكاما يكتفي أهله به عن غيره كان كالتوراة والإنجيل في ثبوت حرمته ، وإقرار أهله .

وإن لم يتضمن تعبدا وأحكاما ، وكان مشتملا على مواعظ وأمثال يفتقر أهله في التعبد والأحكام إلى غيره كان مخالفا لحرمة التوراة والإنجيل ولم يجز أن يقر أهله عليه .

( فصل )

: فإذا تقرر حكم أهل الكتاب أنهم مقرون بالجزية على ما تدينوا به من شرائعهم ، فالكلام في تعيينهم ، وحكم من دخل في أديانهم مشتمل على فصلين :

أحدهما : من عرف كتابه ودينه من اليهود والنصارى .

والثاني : من لم يعرف .

فأما المعروفون من اليهود المتدينون بالتوراة والنصارى المتدينون بالإنجيل فضربان :

أحدهما : من عاينه وآمن به وتدين بكتابه كاليهود الذين كانوا في عصر موسى ، والنصارى الذين كانوا في عصر عيسى من بني إسرائيل ، وإسرائيل هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، وأبناء هؤلاء الآباء مقرون على دينهم بالجزية ، وهم أبناء من عاصر موسى وعيسى ، فإن لم يبدلوا كانت لهم حرمتان : حرمة آبائهم انهم كانوا على حق ، وحرمة بأنفسهم في تمسكهم بكتابهم ، وإن بدلوا أقروا مع التبديل لإحدى الحرمتين ، وهي حرمة آبائهم ، وليس لهم حرمة أنفسهم في التمسك بكتابهم ، لأن المبدل لا حرمة له .

والضرب الثاني : من دخل في دينهما من غيرهما ، بعد انقضاء عصر نبوتهما ، وهو أن يدخل في اليهودية بعد موسى ، وفي النصرانية بعد عيسى ، فهذا على ثلاثة أقسام :