الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص287
من تنوخ وبهراء وبني تغلب ، فدلت سنة رسول الله ( ص ) وسنة خلفائه من بعدها على جواز أخذها من العرب كما جاز أخذها من غير العرب .
قال الماوردي : وهذا صحيح : إذا ثبت أن الجزية تؤخذ من أهل الكتاب دون غيرهم ، فالكتاب المشهور كتابان :
أحدهما : أن التوراة أنزلت على موسى ، ودان بها اليهود ، والإنجيل أنزل على عيسى ، ودان به النصارى .
قال الله تعالى : ( أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا ) [ الأنعام : 156 ] . فكان اليهود والنصارى أهل كتاب مقطوع بصحته ، فأما غير التوراة والإنجيل من كتب الله المنزلة على أنبيائه ، فقد أخبر الله تعالى بها ، وإن لم يسمها ، ولم يعين من دان بها .
قال الله تعالى : ( أولم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفىّ ) النجم : 36 ، 37 ]
وقال تعالى : ( إن هذا لفي الصحف الأولى ، صحف إبراهيم وموسى ) [ الأعلى : 18 ، 19 ] .
وقال : ( وإنه لفي زبر الأولين ) [ الشعراء : 196 ] .
فإن عرفنا من كتب الله تعالى غير التوراة والإنجيل ، وعرفنا من دان بها غير اليهود والنصارى ، فقد اختلف أصحابنا هل يكونوا أهل كتاب يقرون عليهم بالجزية ، وتنكح نساؤهم ، وتؤكل ذبائحهم كاليهود والنصارى ، أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : أنهم أهل كتاب يقرون على التدين به ، وتؤخذ جزيتهم ، وتنكح نساؤهم ، وتؤكل ذبائحهم كاليهود والنصارى ، وهو الظاهر من مذهب الشافعي .
وبه قال أبو إسحاق المروزي ، لأن حرمة الكتاب لنزوله من الله تعالى ، وحرمة