پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص286

وبما روي عن النبي ( ص ) أنه قال ‘ لا يجري على عربي صغار ‘ .

والجزية صغار بالنص ، وقد نفاه عنهم ، فلم يجزه أخذها منهم ، ولأن كل حرمة ثبتت بالإسلام منعت من قبول الجزية كالإسلام ، ولأن كل من لم يجز استرقاقه لم تؤخذ جزيته كالمرتد .

ودليلنا قوله تعالى : ( من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية ) [ التوبة : 29 ] فكان على عمومه من كل كتابي من عجمي وعربي ، ولأن رسول الله ( ص ) أخذ الجزية من العرب ، فأخذها من أكيدر دومة بعد أسره ، وحمله إلى المدينة ، وكان من غسان أو من كندة ، وأخذها من أهل اليمن ، وأكثرهم عرب ، ومن أهل نجران ، وفيهم عرب ، ولأن كل من جاز إقراره على كفره جاز أخذ جزيته كالعجم ، ولأن وجوب القتل أغلظ من أخذ الجزية ، فلما لم يمنع النسب من القتل ، فأولى أن لا يمنع من الجزية ، ولأنه لما جاز أن يحقن بالجزية دم ضعفت حرمته من العجم ، فلأن يحقن بها دم من قويت حرمته من العرب أولى .

فأما الجواب عن الخبر الأول ، فهو أن المقصود به سرعة إجابة العرب إلى الإسلام ، وإبطاء أهل الكتاب عنه ، وهذا موجود ومعهود .

وأما الجواب عن قوله : ‘ لا يجري على عربي صغار ‘ فالقتل أغلظ ، وهو يجري عليه ، فكانت الجزية أقرب ، وهو محمول على أحد وجهين : إما صغار الاسترقاق .

والثاني : أن يكون محمولا على أهل مكة حين من عليهم بعد الفتح أنهم لا يغزون بعده ، وبه قال الشافعي .

فأما قول أبي يوسف إنه لا تؤخذ الجزية من العرب ، فنحن كنا على هذا أحرص ، ولولا أن نأثم بثمن باطل لرددناه كما قال ، وأن لا يجري على عربي صغار ، ولكن الله أجل في أعيينا من أن نحب غير ما حكم به ، فأما قياسهم على الإسلام فباطل ، لأن الكفر ضد الإسلام ، فلم يجز أن يقاس عليه .

وأما قياسهم على المرتد فالمرتد لا يجوز أن يقر على ردته ، فلم يجز قبول جزيته ، والعربي يقر على كفره ، فجاز أخذ جزيته .

فأما استرقاقه ، ففيه قولان مضيا .

فأما قول الشافعي : ‘ انتوت قبائل من العرب ‘ ففيه تأويلان :

أحدهما : معناه قربت من بلاد أهل الكتاب .

والثاني : اختلطت بأهل الكتاب ، فدانت دين أهل الكتاب ، فأخذها عمر بالشام .