پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص285

كتاب فكذلك عبدة الأوثان ، ولأنه استذلال يجوز في أهل الكتاب ، فجاز في عبدة الأوثان كالقتل .

ودليلنا قوله تعالى : ( من الذين أوتوا الكتاب ) [ التوبة : 29 ] . فجعل الكتاب شرطا في قبولها منهم ، فلم يجز لعدم الشرط أن تقبل من غيرهم .

وروى عبد الرحمن بن عوف أن النبي ( ص ) قال في المجوس : ‘ سنوا بهم سنة أهل الكتاب ‘ فدل على اختصاص الجزية بهم .

وروى عمرو بن شعيب – عن أبيه – عن جده – أن النبي ( ص ) كتب إلى أهل اليمن أن تؤخذ الجزية من أهل الكتاب ، فخصهم بالذكر لاختصاصهم بالحكم ولأنه وثني فلم يقر على حكمه بالجزية كالعربي ، ولأن من لم يقر بالجزية من العرب لم يقر بها من العجم كالمرتد ، ولأن لأهل الكتاب حرمتين .

إحداها : حرمة الكتاب الذي نزل عليهم .

والثانية : حرمة دين الحق الذي كانوا عليه .

وهاتان الحرمتان معدومتان في عبدة الأوثان ، فافترقا في حكم الإقرار بالجزية .

فأما الجواب عن حديث ابن بريدة ، فمن وجهين :

أحدهما : تخصيص عمومه بأدلتنا .

والثاني : أنه لا يصح التعلق بظاهره حتى يقترن به إضمار ، فهم يضمرون أخذ الجزية منهم إذا كانوا عجما ، ونحن نضمر أخذ الجزية منهم إذا كانوا أهل كتاب ، ولو تكافأ الإضمار إن سقط الدليل ، واختيارنا أولى لثبوت حكمه عن إجماع .

وأما الجواب عن أخذها من المجوس ، فهو ما سنذكره من بعد في أن لهم كتابا وأما قياسهم على القتل ، فغير صحيح لأمرين :

أحدهما : أن القتل لا يبقى معه إقرار على الكفر ، وفي الجزية إقرار على الكفر فافترقا .

والثاني : أن القتل أغلظ من الجزية ، فلم يجز أن يلحق به ما هو أخف منه إذا كان محمولا على التغليظ .

( فصل )

: وأما الحكم الثاني : في العرب ، فاستدل من منع من قبول جزيتهم بما روي عن النبي ( ص ) : ‘ أنه كان إذا عرض نفسه في المواسم قبل هجرته على القبائل قال لهم ‘ هل لكم في كلمة إذا قلتموها دانت لكم العرب ، وأدت إليكم الجزية العجم ‘ فأضاف الجزية إلى العجم ونفاها عن العرب .