پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص280

فإذا استكمل هذه الشروط السبعة صح أن يحكم فيهم برأيه كما حكم رسول الله ( ص ) سعد بن معاذ في بني قريظة ، فحكم أن من جرت عليه المواسي قتل ، ومن لم تجر عليه استرق ، فقال رسول الله ( ص ) : ‘ وهذا حكم الله من فوق سبع أرقعة ‘ وهي سبع سماوات ‘ وإن أخل بشرط منها لم يجز أن يحكم فيها ، فإن كان هذا المحكم فيهم أعمى جاز تحكيمه ، وإن كان لا يجوز أن يكون حاكما في عموم الأحكام ، لأنه يحكم بما اشتهرت فيه أحوالهم ، وتظاهرت به أخبارهم ، فاستوى فيها الأعمى والبصير ، كما يستويان في الشهادة بما تعلق باستفاضة الأخبار ، فإن صولحوا على تحكيم غير معين ، ليقع الاختيار له ، أو التعيين عليه من بعد لم يخل من ثلاثة أحوال :

أحدها : أن يكون موقوفا على اختيار المسلمين له ، فيصح .

والثاني : أن يكون موقوفا على اختيار المشركين له ، فلا يصح .

والثالث : أن يكون موقوفا على اختيار المسلمين والمشركين ، فيصح ، لأن بني قريظة سألوا رسول الله ( ص ) تحكيم سعد بن معاذ فأجابهم إليه ، فإن اتفق المسلمون والمشركون على اختياره انعقد تحكيمه ونفذ فيهم حكمه ، وإن اختلفوا لم ينعقد تحكيمه وأعيدوا إلى مأمنهم حتى يستأنفوا اختيارا أو صلحا ، فإن صولحوا على تحكيم أسير في أيديهم نظر .

فإن كان في وقت اختياره للتحكيم أسيرا لم يصح تحكيمه ، لأنه مقهور لا ينفذ حكمه ، وإن كان قد أطلق قبل تحكيمه كرهناه حذرا للممايلة وصح تحكيمه لأن دينه يمنعه من الممايلة ، وهكذا لو عقد التحكيم على رجل منهم قد أسلم قبل التحكيم جاز وأن كره .

وإذا انعقد الصلح على تحكيم رجلين جاز ؛ لأن اجتهادهما أقوى ونفذ حكمهما إن اتفقا عليه ، ولم ينفذ إن اختلفا فيه ، وإذا مات الحكم قبل حكمه ، أو استعفى واعتزل أعيدوا إلى مأمنهم حتى يستأنفوا صلحا على تحكيم غيره .

فإذا تقررت هذه الجملة وانعقد التحكيم على رجل بعينه اجتهد رأيه في الأصلح للمسلمين دون المشركين لعلو الإسلام على الشرك ، فإن أداه اجتهاده إلى قتل رجالهم ، وسبي ذراريهم جاز ولزمهم حكمه كالذي حكم له سعد في بني قريظة ، فإن رأى الإمام بعد ذلك المن على من حكم بقتله من رجالهم جاز ، وإن رأى المن على من حكم بسبيه من ذراريهم نظر .

فإن كان بعد استرقاقهم لم يجز إلا بمراضاة الغانمين كما فعل رسول الله ( ص ) في سبي هوازن حين من وإن كان قبل استرقاقهم جاز ، لأن سعدا لما حكم في بني قريظة