پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص278

أحدهما : أن معنى قوله : ‘ إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده ‘ يعني به زوال هذا الاسم عن ملوكهم ، وكان اسما لكل ملك منهم ، فلما هلك قيصر لم يتسم به أحد من ملوكهم ، وثبت ملكه الآن في بلادهم .

والجواب الثاني : أن لهذا الحديث سببا ، وهو أن قريشا كانت تنتاب اليمن في الشتاء ، والشام والعراق في الصيف ، وهو معنى قوله تعالى : ( إيلافهم رحلة الشتاء والصيف ) [ قريش : 2 ] . فلما أسلموا وبلاد الرحلتين على شركهم شكوا ذلك إلى رسول الله ( ص ) لانقطاع الرحلتين عنهم بالشام والعراق فقال ( ص ) : ما طيب به نفوسهم ‘ إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ‘ يعني بالعراق ، فهلك ، فلم يبق بالعراق ولا بغيرها من البلاد ، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده يعني بالشام ، فهلك ، ولم يبق لهم ملك بالشام ، وإن بقي في غيرها في بلاد الروم ، فصدق خبره ، وصح موعده ، وبالله التوفيق .

( فصل : يشتمل على فروع من كتاب الأسارى والغلول )

وإذا سبى الحربي جارية لمسلم ، فأولدها في دار الحرب أولا ثم غنمها المسلمون لم يملكوها ، وكان مالكها من المسلمين أحق بها وبأولادها .

ولو أسلم الحربي وهي معه وأولادها لم يملكها ، لأنها ملك لمسلم غلب عليها بغير حق .

فأما قيمة أولادها ، ومهر مثلها ، فمعتبر بحال إيلاده لها ، فإن كان قبل إسلامه ، فلا قيمة عليه لأولادها ، ولا مهر لها عليه ، لأن ذلك استهلاك منه في حال كفره ، وما استهلكه الحربي على المسلمين هدر .

وإن أولدها بعد إسلامه كان عليه قيمة أولادها ، ومهر مثلها ، لأنه أولدها بشبهة ملك ، فلحقوا به ، وعتقوا عليه ، وهو مسلم ، فلا ينهدر ما استهلكه كالمسلم .

( فرع )

: ولو دخل مسلم دار الحرب ، فدفع إليه أهلها مالا ليشتري لهم به متاعا من بلاد الإسلام ، فللمال أمان إذا دخل به المسلم ، وإن لم يكن لمالكه أمان ، لأن استئمانهم له أمان منه ، ولو خرج بالمال ذمي كان أمانه فاسدا فإن علم مالكه من أهل الحرب فساد أمانه كان المال مغنوما ، وإن لم يعلم فساد أمانه كان محروسا عليه حتى يصل إليه ، وحال الصبي والمجنون ، إذا أمن أحدهما حربيا كان الأمان فاسدا ، وكان مستأمن الصبي والمجنون محقون الدم ، حتى يعود إلى مأمنه إن لم يعلم بفساد الأمان ، فإن علم به كان مباح الدم ، وخرج الربيع استئمان الذمي على المال على قولين ، وهو خطأ منه ، وحمله على هذا التفصيل أصح .