الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص273
أحدهما : قيمته إذا قيل إن الواجب رد عينه . والثاني : يكون مخيرا بين القيمة والثمن إذا قيل مع بقائه : إنه مخير فيهما .
( مسألة )
: قال الشافعي : ‘ وإذا قدم ليقتل لم يجز له من ماله إلا الثلث ‘ . قال الماوردي : أما الأسير في دار الحرب ، ومن وجب عليه من المسلمين القصاص في النفس ، إذا وهبا مالا وأعطيا عطايا لم يخل حالها من ثلاثة أقسام : أحدها : أن تكون هباتهما وعطاياهما قبل تقديمهما للقتل والقصاص ، فيكون ذلك من رؤوس أموالهم دون الثلث ، لأن السلامة عليها في هذه الحال أغلب من الخوف . والقسم الثاني : أن تكون عطاياهما بعد تقديمهما للقتل والقصاص ووقوع الجرح بهما ، وإنهار دمهما ، فيكون من الثلث لا من رأس المال ، لأن الخوف عليهما بعد الجرح أغلب ، والسلامة فيها نادرة ، فأجرى عليهما في الحياة حكم الوصايا بعد الموت ، لقول الله تعالى : ( ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه ، فقد رأيتموه ، وأنتم تنظرون ) [ آل عمران : 143 ] . فأجرى عليهما عند حضور أسباب الموت حكم الموت . والقسم الثالث : أن يكون عطاياهما بعد تقديمهما للقتل والقصاص ، وقبل وقوع الجرح بهما فقد قال الشافعي في الأسير : تكون عطاياه من الثلث ، فجعل الخوف عليه أغلب ، وقال في المقتص منه : تكون عطاياه من رأس المال دون الثلث ، فجعل السلامة عليه أغلب ، فخالف بينهما في الجواز مع اتفاقهما في الصورة . فاختلف أصحابنا في ذلك على ثلاثة أوجه : أحدها : وهو قول أبي إسحاق المروزي – إن جمع بين المسألتين وجمع اختلاف الجوابين وخرجهما على قولين :
أحدهما : تكون عطاياهما من الثلث على ما نص عليه في الأسير لأن الخوف عليهما أرجى من الخوف على المريض .
والقول الثاني : تكون عطاياهما من رأس المال على ما نص عليه في المقتص منه بخلاف المريض ما لم يقع به جرح ، لأن سبب الموت حال في بدن المريض ، وليس بحال في بدن الأسير والمقتص منه ، فهذا وجه .
والوجه الثاني : أن الجواب على ظاهره فيهما ، فتكون عطايا الأسير من الثلث ، وعطايا المقتص منه من رأس المال ، ويكون الأسير أخوف حالا منه ، لأنه مع أعدائه