پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص270

( فصل )

: فإذا ثبت حكم الهجرة فيمن أسلم من أهل الحرب ، فصورة هذه المسألة في المسلم إذا أسره أهل الحرب ، فالأسير مستضعف تكون الهجرة عليه إذا قدر عليها فرضا ، ويجوز له أن يغتالهم في نفوسهم وأموالهم ، ويقاتلهم إن أدركوه هاربا ، فإن أطلقوه ، وأحلفوه أن يقيم بينهم ، ولا يخرج عنهم وجب عليه الخروج عنهم مهاجرا ، ولم تمنعه اليمين من الخروج المفروض ، لقول النبي ( ص ) ‘ من حلف على يمين ، فرأى غيرها خيرا منها ، فليأت الذي هو خير ، وليكفر عن يمينه ‘

فأما حنثه في يمينه إذا خرج ، فمعتبر بحال إحلافه ، وله فيها ثلاثة أحوال :

أحدها : أن يبدؤا به ، فيحلفوه في حبسه قبل إطلاقه أنهم إذا أطلقوه لم يخرج عنهم ، فهذه يمين مكره لا يلزمه الحنث فيها .

والحال الثانية : أن يطلقوه على غير يمين ، فيحلف لهم بعد إطلاقه أنه لا يخرج عنهم فهذه يمين مختار يحنث فيها إذا خرج ، وكان التزامه للحنث مستحقا .

والحال الثالثة : أن يبتدئ قبل إطلاقه ، فيتبرع باليمين ، إنهم إن أطلقوه لم يخرج عنهم . ففي يمينه وجهان :

أحدهما : أنها يمين اختيار يحنث فيها لابتدائه بها ، كما لو حلف مطلقا .

والوجه الثاني : أنها يمين إكراه لا يحنث فيها ، لأنه لم يقدر على الخروج من الحبس إلا بها كما لو أحلفوه محبوسا .

( مسألة )

: قال الشافعي : ‘ وليس له أن يغتالهم في أموالهم وأنفسهم لأنهم إذا أمنوه فهم في أمان منه ولو حلف وهو مطلق كفر ‘ .

قال الماوردي : أعلم أن للأسير إذا أطلق في دار الحرب أربعة أحوال : أحدها : أن يأمنوه ويستأمنوه ، فيحرم عليه بعد استئمانهم له أن يغتالهم في أنفسهم وأموالهم ، لقوله تعالى : ( يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) [ المائدة : 1 ] . إلا أن ينقضوا أمانهم له ، فينتقد به أمانه لهم ، لقوله تعالى : ( وإما تخافن من قوم خيانة ، فانبذ إليهم على سواء ) [ الأنفال : 58 ] . ولو استرقوه بعد أمانهم كان الاسترقاق نقضا لأمانهم واستئمانهم .

والحال الثانية : أن لا يؤمنوه ، ولا يستأمنوه ، فلا يكون الإطلاق استئمانا كما لم يكن أمانا ، ويجوز أن يغتالهم في أنفسهم وأموالهم ، ولو أطلقوه بعد ان استرقوه لم يكن الاسترقاق أمانا فيهم ولا أمانا لهم .

والحال الثالثة : أن يستأمنوه ، ولا يؤمنوه ، فينظر ، فإن كان لا يخافهم إما لقدرته على الخروج ، وإما لثقته بكفهم عنه ، فهم على أمانهم منه لا يجوز أن يغتالهم في نفس