الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص268
ودليلنا على إباحته وعدم كراهته : ما روي أن الحسن بن علي – عليهما السلام – استأجر قطعة كبيرة من أرض الخراج ، وكذلك روي عن ابن مسعود ومعاذ بن جبل – رضي الله عنهما – وليس يعرف لهم مخالف ، ولأنه لما لم يكره أن يستأجر منهم غير الأرضين من الدواب والآلات لم يكره أن يستأجر منهم الأرضين .
فأما الخبر فلا دليل فيه ، لأن الخراج يؤخذ من مؤجرها ، والأجرة تؤخذ من مستأجرها ، فإن شرط الخراج على مستأجرها صح إن كان معلوما ، وكان أجرة في حق المستأجر وخراجا في حق المؤجر .
وقال : بيعها على المسلم باطل ، لأنه مفض إلى سقوطه ما استحقه المسلمون عليها من الخراج ، وهذا باطل ، لقول الله تعالى : ( وأحل الله البيع ) [ البقرة : 275 ] ولأن كل ما صح بيعه من مشرك صح بيعه من مشرك كسائر الأموال ، ولأن المسلم لو باع أرضه على مسلم صح ، وإن أفضى إلى إسقاط العشر ، فلأن يجوز بيع أرض المشرك على المسلم وإن أفضى إلى إسقاط الخراج أولى ، وفيه انفصال ، فإذا ثبت صحة البيع وسقوط الخراج ، فقد قال أبو علي بن أبي هريرة : يرجع الإمام بما سقط من خراجها على أهل الصلح ، فإن بذلوه وإلا نبذ إليهم عهدهم ، وهذا خطأ من وجهين :
أحدهما : أن المستحق عليهم خراج أملاكهم ، فلم يجز أن يؤخذ منهم خراج ما خرج عن أملاكهم .
والثاني : أنه لما كان سقوط خراجها بإسلام مالكها لا يقتضي الرجوع عليها بخراجها كان بإسلام غيره أولى ، والله أعلم .