الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص267
والقسم الخامس : وهو مسألة الكتاب أن يصالحوا على الأرضين لهم بخراج يؤدونه عنها ، فيجوز ويكون هذا الخراج جزية ، والأملاك طلق يجوز بيعها ، وينظر في بلادها ، فإن لم يستوطنها المسلمون ، فهي دار عهد ، وليست دار إسلام ، ولا دار حرب ، ويجوز أن يقر أهلها بالخراج من غير جزية رؤوسهم ، ولا يجري عليها من أحكامنا إلا ما يجري على المعاهدين دون أهل الذمة والمسلمين ، وإن استوطنها المسلمون بالاستيلاء عليها صارت دار إسلام ، وصار المشركون فيها أهل ذمة يجب عليهم جزية رؤوسهم فإن جمع عليهم بين جزية رؤوسهم و بين جزية أرضهم جاز ، وإن اقتصر منهم على جزية أرضهم وحدها جاز إذا بلغ ما يؤخذ من كل واحد من أهلها دينارا فصاعدا .
وقال أبو حنيفة ، يجب أن يجمع عليهم بين جزية روؤسهم وجزية أرضهم ، ولا يجوز الاقتصار على جزية الأرض وحدها ، وهذا فساد ، لأن الجزية واحدة لا يجوز مضاعفتها على ذي مال ولا غيره كسائر أهل الذمة ، فإن أسلموا سقطت عنهم جزية رؤوسهم وجزية أرضهم .
وقال أبو حنيفة : لا تسقط عنهم جزية أرضهم بالإسلام احتجاجا لا خراج عن أرض ، فلم يسقط بالإسلام كالخراج على سواد العراق .
ودليلنا : ما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لا ينبغي لمسلم أن يؤدي الخراج ، ولا لمشرك أن يدخل المسجد الحرام ‘ ، ولأنه مال حقنت به دماؤهم فوجب أن يسقط بإسلامهم كالجزية على الرؤوس .
فأما خراج أرض السواد فليس بجزية ، وهو أجرة أحد الوجهين ، وثمن في الوجه الثاني على ما قدمناه من اختلاف أصحابنا فيه ، فافترقا ، وهكذا لو باعوا أرضهم على مسلم سقط خراجها عنه كما يسقط عنه بإسلامهم .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا كانت أرض الصلح ملكا للمشركين ، وعليها خراج للمسلمين جاز للمسلم أن يستأجرها منهم ، ولا يكره له ذلك ، وكرهه الإسلام لقول النبي ( ص )
لا ينبغي لمسلم أن يؤدي الخراج ، ولا لمشرك أن يدخل المسجد الحرام ‘