پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص264

وخالف فيه أبو حنيفة ، فجعل مصرف الغنيمة والفيء مشتركا ، وقد مضى الكلام معه في كتاب قسم الصدقات .

وأما خراج السواد ، فمصرفه في كل مصلحة عاد على المسلمين نفعها من أرزاق الجيش وتحصين الثغور ، وابتياع الكراع والسلاح ، وبناء المساجد ، والقناطر وأرزاق القضاة والأئمة ، ومن انتفع به المسلمون من الفقهاء ، والقراء ، والمؤذنين .

( فصل )

: ولا يجوز للإمام ، ولا لوال من قبله يضمن العشر والخراج لأحد من العمال ، فإن عقد على واحد منهما ضمانا كان عقده باطلا لا يتعلق به في الشرع حكم ، لأن العامل مؤتمن يستوفي ما وجب ، ويؤدي ما حصل لا يضمن نقصانا ، ولا يملك زيادة ، وضمان الأموال بمقدر معلوم يقتضي الاقتصار عليه ، ويملك ما زاد ، ويغرم ما نقص ، وهذا مناف لوضع العمالة وحكم الأمانة فبطل .

حكي أن رجلا أتى ابن عباس يتقبل منه الأبلة بمائة ألف درهم ، فضربه مائة سوط وصلبه حيا تعزيرا وأدبا .

ولا يجوز تضمين الأرض لأربابها في عشر ولا خراج ، لأن العشر مستحق إن زرع ، وساقط إن قطع ، والخراج مقدر على المساحة لا يجوز أن يزاد فيه ، ولا ينقص منه ، وما هذه سبيله لا يصح تضمينه .

فأما إجارتها ، فيصح أن يؤجرها أربابها ، ولا يصح أن يؤجرها غيرها ، لأن حق السلطان فيها قد سقط بخراجها .

( فصل )

: فأما تفسير كلام الشافعي في أول الباب ، وهو قوله ‘ لا أعرف ما أقوله في أرض السواد إلا بظن مقرون إلى علم ‘ فقد أَُنكر هذا الكلام على الشافعي من وجهين :

أحدهما : قوله : لا أعرف ما أقول في أرض السواد ، ما أحد بدأ في كتاب في علم بمثل هذا اللفظ ، لأن من لم يعرف شيئا لم يجز أن يتعرض لإثبات حكمه .

والثاني : قوله : إلا بظن مقرون إلى علم ، والظن شك والعلم يقين ، وهما ضدان فكيف يصح الجمع بينهما ، وهو ممتنع ؟

قيل : أما قوله : لا أعرف ما أقول في أرض السواد ، فلأن الطريق إلى العلم يفتحها النقل المروي ، وقد اختلفت الرواية عنه ، فروى بعضهم أنها فتحت صلحا ، وروى بعضهم أنها فتحت عنوة ، وروى آخرون أن بعضها فتح صلحا ، وبعضها فتح عنوة .