الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص263
وحكى الشعبي أن عثمان بن حنيف مسح السواد ، فوجده ستة وثلاثين ألف ألف جريب ، فوضع على كل جريب درهما وقفيزا .
قال يحيى بن آدم وهو المختوم الحجاجي : وقيل : إن وزنه ثمانية أرطال ، فكان خراجها سوى البر والشعير متفقا على قدره في الروايات كلها .
واختلف في خراج البر والشعير ، فذهب أهل العراق إلى تقديره بقفيز ودرهم ، وهو المأخوذ منهم في الأيام العادلة من ممالك الفرس ، وقد ذكره زهير في شعره فقال :
وذهب أبو حامد الإسفراييني ، وطائفة من أصحاب الشافعي إلى أن خراج البر أربعة دراهم ، وخراج الشعير درهمان ، تعويلا على رواية أبي مجلز .
وكلا القولين على إطلاقه معلول عندي ، لأن كل واحد منهما إسقاط للآخر ، والصحيح أن كلا الروايتين صحيحتين ، وإنما اختلفا لاختلاف النواحي ، فوضع على بعضها قفيز ودرهم ، وعلى بعضها أربعة دراهم على البر ودرهمان على الشعير ، فأخذ الدرهم والقفيز فما كان غالب زرعه برا وشعيرا ، وأخذ الأربعة دراهم عن البر ، والدرهمين على الشعير مما كان أقل منزرعه برا وشعيرا ، لأن ما قل من ناحيته غلا ، وما كثر فيها رخص ، فزيد من خراج المال ، ونقص من خراج الرخيص ، والله أعلم .
فكانت ذراع عثمان بن حنيف في مساحته ذراع اليد وقبضة وإبهاما ممدودة ، وكان مبلغ ارتفاع السواد في أيام عمر بن الخطاب مائة ألف ألف ، وحياة عبيد الله بن زياد مائة ألف ألف درهم ، وعشرين ألف ألف درهم ، وحياة زيادة مائة ألف ألف وخمسة وعشرين ألف ألف وحياة عبيد الله بن زياد مائة ألف ألف ، وخمسة وثلاثين ألف ألف ، وحياة الحجاج الله ثمانية عشر ألف ألف ، لغشمه وإخرابه ، وحياة عمر بن عبد العزيز ثمانين ألف ألف ، ثم بلغ في آخر أيامه مائة ألف ألف وعشرين ألف ألف ، لعدله وعمارته .
ومنع أبو حنيفة من الجمع بينهما ، وأسقط العشر بالخراج ، وقد تقدم الكلام معه في كتاب الزكاة . فأما عشر زروعه فمصروف في أهل الصدقات كسائر الزكوات .