الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص251
المبارزة فيها رسول الله ( ص ) ، ومن ذكرنا من أهله وأصحابه فدل إلى استحبابه .
وقال أبو حنيفة : هو مكروه ، وبه قال أبو علي بن أبي هريرة احتجاجا بقول الله تعالى : ( وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة ) وبما روي أن علي بن أبي طالب نهى بصفين عبد الله بن عباس عن المبارزة ، وقال لابنه محمد ابن الحنفية : لا تدعون إلى البراز ، فإن دعيت فأجب ، فإن الداعي باغ والباغي مصروع .
ودليلنا قول الله تعالى : ( انفروا خفافا وثقالا ) قيل : خفافا في الإسراع إلى المبارزة وثقالا في الثبات للمصابرة .
وروى أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله ( ص ) سئل عن المبارزة بين الصفين فقال : ‘ لا بأس به ‘ وجهز رسول الله ( ص ) جيش مؤتة ، وقال : الأمير زيد بن حارثة ، فإن أصيب فالأمير جعفر بن أبي طالب ، فإن أصيب فالأمير عبد الله بن رواحة فإن أصيب فليرتضي المسلمون رجلا ، فتقدم زيد بن حارثة وبرز فقاتل حتى قتل ، ثم تقدم جعفر فقاتل حتى قتل ، وتقدم عبد الله بن رواحة وبرز فقاتل حتى قتل ، فاختار المسلمون خالد بن الوليد ، فقاتل وحمى المسلمين حتى خاضوا وعادوا فلما بلغ ذلك رسول الله ( ص ) أثنى عليهم وأخبر بعظم ثوابهم .
وروى محمد بن إسحاق أن النبي ( ص ) ظاهر يوم أحد بين درعين وأخذ سيفا فهزه وقال : ‘ من يأخذ هذا السيف بحقه ‘ فقال عمر : أنا آخذه بحقه ، فأعرض عنه ، ثم هزه ثانية ، وقال : ‘ من يأخذ هذا السيف بحقه ‘ فقال الزبير أنا آخذه فأعرض عنه ثم هزه ثالثة وقال : ‘ من يأخذه بحقه ‘ فقام أبو دجانة سماك بن خرشة فقال : وما حقه يا رسول الله فقال أن تضرب به في العدو حتى ينحني ، فأخذه منه وتعمم بعصابة حمراء ومشى إلى الحرب متبخترا ، وهو يقول
فعاد وقد تكأ وجعل يتبختر في مشيه بين الصفين ، فقال رسول الله ( ص ) ‘ إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن ‘ فإذا لم يكره رسول الله ( ص ) في مبارزة جميع المشركين فأولى أن لا يكره لهم مبارزة أحدهم .