الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص239
بقدر حصص شركائه فيها ، ويصير ملكه منها أم ولد له ؛ لأنه قد أحبلها بحر في ملك ولا يخلوا في باقيها من أن يكون موسرا بقيمته أو معسرا به ، فإن كان موسرا بباقيها قوم عليه ، كما تقوم عليه حصص شركائه لو أعتق قدر سهمه ، فعلى هذا يكون جميع ولده حرا ؛ لأنها علقت به في ملك وفي شبهة ملك ، ولا قيمة عليه للولد ؛ لأنها ولدتها في ملكه ، وقد صار جميعها أم ولد له ؛ لأنها علقت منه بحر في ملك ، وإن كان معسرا بحصص شركائه منها لم يقوم عليه باقيها ، وكان ملكا لشركائه فيها ، وكان قدر سهمه من الولد وهو العشر ، لأن أحد الشركاء العشرة حر ؛ لأنه قدر ما يملكه منه ، كما قد صار عشر الأم أم ولد في تقويم باقي الولد عليه مع إعساره وجهان :
أحدهما : لا يقوم عليه مع الإعسار ، كما لا يقم عليه باقي الأم إذا كان معسرا ، فعلى هذا يكون عشر الولد حرا ، وباقيه مملوكا ، وعشر الجارية أم ولد وباقيها مملوكا ، وإن ملك باقيها من بعد بابتياع أو ميراث كان باقيها على رقه ، ولم تصر أم ولد له ؛ لأنه مقابل لرق ولده ؛ لأنها علقت بمملوك في غير ملك .
والوجه الثاني : يقوم عليه بقيمة الولد مع إعساره ، وإن لم تقوم عليه بقية الأم بإعساره .
والفرق بينهما أن الحرية في الولد أصل متقدم ، وهي في الأم فرع طارئ فلم تتبعض حرية الولد ؛ لأن الرق لا يطرأ على حرية ثابتة ، فجاز أن يتبعض في الأم ؛ لأن العتق يجوز أن يطرأ على رق ثابت ، فعلى هذا يصير جميع الولد حرا ، ويكون عشر الأم أم ولد ، فإن ملك باقيها من بعد ، فهل تصير أم ولد له على قولين ؛ لأنه قد أولدها حرا في غير ملك ، والله أعلم .
قال الماوردي : وصورتها : أن يكون في السبي المسترق أحد من يعتق بالملك على الغانمين من والديه أو مولوديه ، كالآباء والأمهات والبنين والبنات ، فله في عتقه عليه ثلاثة أحوال : حال لا يعتق عليه ، وحال يعتق عليه ، وحال مختلف فيها .
فأما الحال التي لا تعتق عليه فيها فهو قبل القسمة ، والغانمون عدد كثير لا ينحصرون ولا يتحقق فيه قدر سهمه منه ، فلا يعتق عليه شيء منه ؛ لأنه لم يملكه ، وإن ملك أن يتملكه ؛ لأنه قد يجوز أن يجعل في سهم غيره .