الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص236
دفع جميع المهر ، وضم إلى الغنيمة حتى يقسم معها في جميع الغانمين ، فلو صارت الجارية التي وطئها في سهمه وملكها بالقسمة بعد وطئه لم يسترجع المهر بعد دفعه ، ولم يسقط عنه قبل دفعه ؛ لأنه استحدث ملكها بعد وجوب مهرها ، فصارت كأمة وطئها بشبهة ، ثم ابتاعها بعد الوطء من سيدها لم يسقط عنه مهرها ، وإن كان عدد الغانمين محصورا ، فقد قال الشافعي : يسقط عنه من المهر بقدر حصته فيها ، فاختلف أصحابنا في محل سقوطه على وجهين ، حكاهما أبو إسحاق المروزي :
أحدهما : أنه يسقط عنه قدر حقه منها إذا كان قد تملكها بالقسمة مع جماعة من الغانمين محصورين ، وأما إن كان وطئها قبل أن يتملكها ، فلا يسقط عنه شيء من مهرها ، وإن كان عددهم محصورا ؛ لأنه وطء في حال ليس بمالك فيها ، وإنما ملك أن يتملك .
والوجه الثاني : أنه يسقط عنه في الحالين بقدر حصته منها ، سواء كان وطؤه قبل التملك أو بعده ؛ لأن ملكها موقوف عليهم ، ولا حق فيها لغيرهم ، والأول أشبه .
قال الماوردي : وصورتها أن تحمل منه الجارية التي وطئها من المغنم ، فيتعلق بحملها أربعة أحكام بعد ثلاثة قدمنا ذكرها في اختصاصها بالوطء :
أحدها : سقوط الحد .
والثاني : وجوب التعزير مع العلم بالتحريم .
والثالث : استحقاق المهر ، فأما الأحكام الأربعة المتعلقة بإحبالها :
فأحدها : لحوق الولد به .
والثاني : حريته .
والثالث : وجوب قيمته .
والرابع : أن تصير الجارية به أم ولد .
فأما لحوق الولد فهو لا حق به ، سواء اعترف به أو لم يعترف ، إذا وضعته لزمان يمكن أن يكون منه .
وقال أبو حنيفة : لا يلحق به ، وبناه على أصله في أن ولد الأمة لا يلحق بسيدها إلا بالاعتراف ، وعندنا يلحق بالفراش ، وقد صارت فراشا بهذا الوطء ؛ لأنه وطء شبهة يسقط فيه الحد فأشبه وطء الحرة