الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص235
قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ إن وقع على جارية من المغنم قبل القسم فعليه مهر مثلها يؤديه في المغنم وينهى إن جهل ويعزر إن علم ولا حد للشبهة لأن له فيها شيئا قال وأن أحصوا المغنم فعلم كم حقه فيها مع جماعة أهل المغنم سقط عنه بقدر حصته منها ‘ .
قال الماوردي : أما الغنائم قبل إحازتها واستقرار الظفر بهزيمة أهلها فهي باقية على ملك أربابها ، فإن وطىء منهم جارية كان الواطىء زانيا يجب عليه الحد ، فأما إذا استقر الظفر بالهزيمة وأحيزت الأموال والسبي فقد ملكها جميع الغانمين على وجه الاستحقاق ، لا على وجه التعيين كما يملك أهل السهمان الزكاة قبل دفعها ، فأما كل واحد من الغانمين فإنما يملك بالحضور أن يتملك بالقسم كالشفعة ملك الخليط بالبيع أن يتملك بالأخذ ، وإنما ملك الغانم ، إن يتملك ، ولم يتعين له الملك لمعنيين :
أحدهما : أن حقه فيها يزول بتركه ويعود إلى غيره كالشفعة ، ولو ملكه لم يزل بتركه كالورثة .
والثاني : لو تأخر قسمها حين حال حولها لم تجب زكاتها ، ولو ملكت وجبت زكاتها ، فإذا تقرر هذا فصورة مسألة الكتاب في رجل من الغانمين وطىء جارية من السبي المغنوم فهو وطء محرم ؛ لأنه لم يملكها ولا حد عليه للشبهة .
وقال مالك والأوزاعي وأبو ثور : عليه الحد ؛ لأنه وطء محرم في غير ملك ، فوجب به الحد كالزنا ، ودليلنا في سقوط الحد عنه قول النبي ( ص ) ادرؤوا الحدود بالشبهات ‘ وشبهة الوطء فيها أنه ملك منها أن يتملكها فكانت أقوى من شبهة الأب في جارية ابنه التي ما ملك أن يتملكها فلما سقط الحد عن الأب في جارية ابنه كان سقوطه عن هذا أولى ، وبه خالف محض الزنا ، وصار كوطء الأجنبية بشبهة .
فإذا ثبت سقوط الحد نظر ، فإن علم بالتحريم عزر ؛ لأن الشبهة لا تمنع من التعزير ، وإن منعت الحد لحظر الإقدام على الشبهات ، وإن لم يعلم بالتحريم فلا حد عليه ولا تعزير ، فأما المهر فواجب عليه في الحالين مع علمه بالتحريم وجهله به كغيره من وطء الشبهة ، فإذا وجب عليه نظر في عدد الغانمين فإن كان غير محصور لكثرتهم