الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص233
محمول على أن الفيل لم يظفر بها ، ولا دخلها ، وأظفر الله رسوله بها حتى دخلها .
وأما الجواب عن حديث حماس بن قيس ، وما أنشده من شعره : فهو أنه كان حليف بني بكر الذين قاتلوا خالدا ، ولم يكن من قريش القابلين لأمان رسول الله ( ص ) ثم قد آمن من ألقى سلاحه ، وأغلق بابه ، فلئن دل أول أمره على العنوة ، فلقد دل آخره على الصلح ، وابتدأ بالقتال بجهله بعقد الأمان ، ثم رجع إلى شرط الأمان حين علم به .
وأما الجواب عن استدلالهم بأن عقد الصلح ما ترددت فيه الرسل وكتب فيه الصحف كالحديبية ، فهو أن ذلك صلح على الموادعة والكف ، فاحتاج إلى الرسل وكتب الصحف وهذا أمان استسلام وتمكين علق بشرط ، فاستغنى فيه عن تردد الرسل وكتب الصحف واقتصر فيه على أخبار أبي سفيان وحكيم بن حزام بحاله ، وذكره لقريش ما تعلق بشرطه ، واقتصر من قبولهم على العمل به دون الرضا والاختبار .
فإن قيل : فقد روي عن النبي ( ص ) أنه قال لما قاتل خالد وقتل : ‘ اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد ‘ فدل على أن خالدا قاتل وقتل بغير حق ، ففيه وجهان :
أحدهما : أن هذا ، قاله لخالد في غير يوم الفتح ؛ لأنه بعثه بعد استقرار الفتح سرية من مكة إلى بني جذيمة من كنانة ، وكانوا أسفل من مكة على ليلة منها ناحية يلملم ليدعوهم إلى الإسلام ، فأتاهم وقد أسلموا وصلوا ، فقتل من ظفر به منهم ، فلما