الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص232
أحدهما : أن الصلح والأمان تحدد بمر الظهران ، فلا اعتبار بما كان قبله ، وقسمه أن يغزوهم فقد قال فيه ‘ إنشاء الله فاستثنى على أنه قد غزاهم ؛ لأنه قهرهم ودخل عليهم غالبا ‘
والثاني : أن نشر الرايات وسل السيوف من عادات الجيوش في الصلح والعنوة ، وإنما يقع بين الفرق الحالتين بالقتال والمحاربة .
وأما الجواب عن حديث أبي بن كعب أنه دخلها عنوة من وجهين :
أحدهما : أنه لما دخلها على كره منهم وظهور عليهم صار موصوفا بالعنوة .
والثاني : أن العنوة الخضوع ، كما قال الله تعالى : ( وعنت الوجوه للحي القيوم ) [ طه : 111 ] أي : خضعت ، وهم قد خضعوا حين استسلموا لأمانه .
وأما الجواب عن حديث أبي هريرة ‘ احصدوهم حصدا حتى تلقوني على الصفا ‘ فمن وجهين :
أحدهما : أنه قال قبل نزوله بمر الظهران وعقد الأمان مع أبي سفيان ؛ لأن أبا بكر ابن المنذر روى أنه قال : ‘ احصدوهم غدا حصدا حتى تلقوني على الصفا ‘ ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب ‘ الأموال ‘ عن حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن أبي هريرة .
والثاني : أنه أشار بذلك إلى من قاتل خالد بن الوليد أسفل مكة من قريش وبني نفاثة . وأما الجواب عن قولهم : لو كان صلحا لأمن جميع الناس ولم يخصه بمن ألقى سلاحه وأغلق بابه فهو أنه جعل عقد الأمان معلقا بهذا الشرط ، فصار خاصا في اللفظ عاما في الحكم ، وأما الجواب عن قوله ، لقريش ‘ أنتم الطلقاء ‘ فهو لأنه أمنهم بعد الخوف ، وأحسن إليهم بعد إساءتهم ، وصفح عنهم مع قدرته عليهم ، فصاروا بترك المؤاخذة ، طلقاء وبالإحسان عتقاء ، وأما الجواب عن قوله : قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ ‘ فهو أن الرجلين لم يظهر منهما شرط الأمان ؛ لأنهما كانا شاكين في سلاحهما ، وقد علق شرط الأمان بإلقاء السلاح وغلق الأبواب فبقيا على حكم الأصل ؛ فلذلك استجاز علي بن أبي طالب عليه السلام أن يقتلهما حتى استجارا بأم هانئ ، فأمنهما رسول الله ( ص ) .
وأما الجواب عن حديث عائشة رضي الله عنها ‘ كل البلاد فتحت بالسيف إلا المدينة ‘ فهو أن معناه أن كل البلاد فتحت بالخوف من السيف إلا المدينة ولم ترد به العنوة والصلح ؛ لأنه قد فتح بعض البلاد صلحا .
وأما الجواب عن قوله : إن الله حبس الفيل عن مكة وسلط عليها رسوله ‘ فهو