پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص231

فأما الجواب عن قول الله تعالى : ( إذا جاء نصر الله والفتح ) [ النصر : 1 ] فمن وجهين :

أحدهما : أن الفتح ينطلق على الصلح والعنوة ؛ لقولهم : فتحت مكة صلحا ، وفتحت عنوة ؛ لأن الفتح هو الظفر بالبلد بعد امتناعه وكلا الأمرين ظفر بممتنع .

والثاني : أن هذه السورة نزلت بعد فتوحه كلها ، فكانت خبرا عن ماضيها قال مقاتل : نزلت بعد فتح الطائف ، والطائف آخر فتوحه قال رسول الله ( ص ) إن آخر وطأة وطئها الله بوج ‘ يعني آخر ما أظفر الله بالمشركين بوج ووج هي الطائف ، فلما نزلت هذه السورة فرح بها أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وبكى العباس لها فقال له رسول الله ( ص ) : ما يبكيك يا عم قال : نعيت إليك نفسك قال : إنه لكما تقول ، وسميت هذه السورة سورة التوديع .

وأما الجواب عن قوله ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ) [ الفتح : 1 ] فمن وجهين :

أحدهما : ما حكاه الشعبي أنها نزلت في صلح الحديبية قبل فتح مكة ؛ لأنه أصاب فيها ما لم يصب في غيرها بويع بيعة الرضوان ، و أطعموا نخل خيبر ، وظهرت الروم على فارس ، تصديقا لخبره وبلغ الهدي محله .

والثاني : أنها نزلت في فتح مكة ، والفتح يكون على كلا الوجهين :

وأما الجواب عن قوله : ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ) [ الفتح : 24 ] فهو أن الكف يمنع من القتال ، وقوله ( من بعد أن أظفركم عليهم ) [ الفتح : 24 ] فهو أنه قد أظفره بهم حين لم يقاتلوه واستسلموا عفوا ، فكان أبلغ الظفر بعد المحاربة ، وقد ذكر بعض أصحابنا أنها نزلت عام الحديبية وأن قوله : ( ببطن مكة ) يعني الحرم ، وحكي عن ابن عباس أن مضرب رسول الله ( ص ) في الحديبية قد كان في الحل ، ومصلاه في الحرم ، وقد يعبر بمكة عن الحرم ، وهذا تكلف في الجواب يخالف الظاهر .

فأما الجواب عن قوله تعالى : ( قاتلوهم يعذبهم الله بأيدكم ) [ التوبة : 14 ] فهو أنه أمر بقتالهم إن امتنعوا ، وبالكف عنهم إن استسلموا ؛ لقوله تعالى : ( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها ) [ الأنفال : 61 ] وهم يوم الفتح استسلموا ولم يمتنعوا .

وأما الجواب عن قوله : ( فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم ) [ محمد : 35 ] فهو أن النهي توجه إلى أن يدعو المسلمون إلى الصلح ، وهم ما دعوا إليه وإنما دعا إليه المشركون ، فخرج عن النهي .

وأما الجواب عن الاستدلال بصفة مسيرة وقسمه بالله أن يغزوهم ودخوله إليه بسيوف مشهورة ورايات منشورة ، فمن وجهين