پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص226

( وذو غزارين سريع السلة
)

.

ولحق بصفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو ، فيمن يقاتل خالد بن الوليد في قريش وعاد منهزما ، فدخل بيته وقال لامرأته : أغلقي علي الباب ، فقالت له امرأته : فأين ما كنت تعدنا فقال

( إنك لو شهدت يوم الخندمه
إذا فر صفوان وفر عكرمه )
( وأبو يزيد قائم كالمؤتمة
واستقبلتهم بالسيوف المسامه )
( يقطعن كل ساعد وجمجمه
ضربا فلا تسمع إلا غمغمه )
( لهم نهيت خلفنا وهمهمه
لم تنطقي في اللوم أدنى كلمه )

فدل على دخولها بالقتال .

قالوا : ولأنه صالحهم على دخولها لترددت بينه وبينهم الرسل ، ولكتب فيه الصحف ، كما فعل معهم عام الحديبية ، وهو لم يلبث حتى دخولها بعسكره قهرا ، فكيف يكون صلحا .

ودليلنا على دخولها صلحا قول الله تعالى : ( ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا ) [ الفتح : 22 ] يعني ، والله أعلم ، أهل مكة فدل على أنهم لم يقاتلوا ولو قاتلوا لم ينصروا ، وقال تعالى : ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة ) [ الفتح : 24 ] فأخبر بكف الفريقين ، والكف يمنع من العنوة وقوله تعالى ( من بعد أن أظفركم عليهم ) يريد به الاستعلاء والدخول ، وقد كان رسول الله ( ص ) مستعليا في دخوله ، وقال تعالى : ( لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين ) [ الفتح : 27 ] والمحارب لا يكون آمنا ، فاقتضى أن يكون دخولها صلحا لا عنوة ، وقال تعالى في سورة الرعد ( ولا يزال الذين كفروا يصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله ) [ الرعد : 31 ] الآية فأخبر بإصابة القوارع ولهم إلى أن يحل رسول الله ( ص ) قريبا منهم فصار غاية قوارعهم ، وهذه حال أهل مكة إلى أن نزل رسول الله ( ص ) بمر الظهران ، فانتهت القوارع ، فصار ما بعدها غير قارعة ، والمخالف يجعل ما بعد بحلوله أعظم القوارع ، وفي هذا إبطال لقوله ، و فيها معجزة وهو الإخبار بالشيء قبل كونه ، لأن سورة الرعد مكية .

ويدل عليه نقل السيرة في الدخول إليها واتفاق الرواة عليها ، وهو أن رسول الله ( ص ) حين تأهب للمسير إليها أخفى أمره وقال : اللهم خذ على أبصارهم حتى لا يروني إلا بغتة ‘ وسار محثا حتى نزل بمر الظهران ، وهي على سبعة أميال من مكة وكان العباس بن عبد المطلب قد لقيه قبل ذلك بالسقيا ، فسار معه وأمر كل رجل من أصحابه ، أن يوقد نارا ، فأوقدت عشرة آلاف نار أضاءت بها بيوت مكة ، وفعل ذلك ؟ ؟