پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص225

وراياته منشورة ، وسيوفه مشهورة ، قالوا : وهذه صفة العنوة التي حلف بها أن يغزوهم .

قال : وقد روى أبي بن كعب أن رسول الله ( ص ) دخل مكة يوم الفتح عنوة ، وهو من أخص أصحابه وأقربهم منه ، فكان ذلك نصا .

قالوا : وقد روى أبو هريرة : قال : شهدت مع رسول الله ( ص ) فتح مكة فقال لي يا أبا هريرة ادع الأنصار فدعوتهم فأتوه مهرولين فقال لهم : ‘ إن قريشا قد أوبشت أوباشها ، فإذا لقيتموهم فاحصدوهم حصدا ، حتى تلقوني على الصفا ‘ فكان أمره بالقتل نافيا لعقد الصلح .

قالوا : ولأن رسول الله ( ص ) قال يوم الفتح : من أغلق بابه فهو آمن ومن ألقى سلاحه فهو آمن ‘ ولو كان دخوله عن صلح لكان جميع الناس آمنين بالعقد .

قالوا : ولأن رسول الله ( ص ) حين دخل مكة طاف بالبيت ، وفيه جماعة من أشراف قريش فقال لهم رسول الله ( ص ) : ما تروني صانعا بكم قالوا : أخ كريم وابن أخ كريم فاصنع بنا صنع أخ كريم ‘ فقال : اذهبوا فأنتم الطلقاء ، ومثلي ومثلكم ، كما قال يوسف لأخوته : ( لا تثريب عليكم ، واليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ) [ يوسف : 92 ] وهذا دليل على أنهم بالعفو آمنوا لا بالصلح

قالوا : ولأن أم هانىء أمنت يوم الفتح رجلين فهمّ علي بن أبي طالب بقتلهما ، فمنعته ، وأتت رسول الله ( ص ) فأخبرته فقال : ‘ قد أجرنا من أجرت يا أم هانىء ‘ ولو كان صلحا لاستحقا الأمان لا بالإجارة ، ولما استجاز علي أن يهم بقتلهما

قالوا وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : كل البلاد فتحت بالسيف إلا المدينة ، فإنها فتحت بالقرآن ، أو قالت بلا إله إلا الله ، فدل على أن مكة فتحت بالسيف عنوة .

قالوا : وقد روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ إن الله حبس الفيل عن مكة وسلط عليها رسوله والمؤمنين وإنها لا تحل لأحد بعدي ، ولم تحل لأحد قبلي ، وإنما أحلت لي ساعة من نهار ، ثم هي حرام إلى يوم القيامة ‘ فدل تسليطه عليها ساعة من النهار على أنه كان محاربا فيها ، غير مصالح .

قالوا : وقد روي أن حماس بن قيس بن خالد أعد سلاحا للقتال يوم الفتح فقالت له امرأته : والله ما أرى أنك تقوم بمحمد وأصحابه ، فقال : لها إني لأرجو أن أخدمك بعضهم ، وخرج مرتجزا يقول :

( إن تقبلوا اليوم فما لي عله
هذا سلاح كامل وألّه )