پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص190

قال الماوردي : وجملته أن حكم المستأمن والذمي في دار الحرب في تحريم دمائهما كالمسلم إن تترسوا بهم يجب توقيهم ، كما يجب توقي المسلم فإن أصيب أحدهم قتيلا كان في حكم المسلم على ما ذكرناه من الأقسام الأربعة لقول الله تعالى : ( وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة ) [ النساء : 92 ] . ويستوي أحكامها إلا في شيئين :

أحدهما : القود لسقوطه بين المسلم والذمي .

والثاني : قدر الدية لاختلافهما بالإسلام والكفر ، وهما في ما عداهن سواء ، فإن وجب في قتل المسلم الدية والكفارة وجبا في قتل الذمي ، وإن وجب في قتل المسلم القود والكفارة ، وجب في دية الذمي الدية والكفارة ، فإن وجب في قتل المسلم الكفارة دون الدية كان الذمي بمثابته يجب في قتله الكفارة ، دون الدية ، ويستوي المستأمن والذمي في ضمانهما بالدية أو بالكفارة ويفترقان في شيء واحد وهو أن الذمي يلزمنا دفع أهل الحرب عنه ، والمستأمن لا يلزمنا دفع أهل الحرب عنه ، وبالله التوفيق .

( مسألة )

: قال الشافعي : ‘ ولو أدركونا وفي أيدينا خيلهم أو ماشيتهم لم يحل قتل شيء منها ولا عقره إلا أن يذبح لمأكله ولو جاز ذلك لغيظهم بقتلهم طلبنا غيظهم بقتل أطفالهم ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح إذا غنمنا خيلهم ومواشيهم ثم أدركونا ولم نقدر على دفعهم عنها جاز تركها عليهم ولم يجز قتلها وعقرها طلبا لغيظهم ، أو قصدا لإضعافهم .

وقال أبو حنيفة : يجوز قتلها وعقرها لإحدى حالتين ، إما لغيظهم ، وإما لإضعافهم احتجاجا بأمرين :

أحدهما : أن ما أفضى إلى إضعافهم جاز استهلاكه عليهم كالأموال .

والثاني : أن نماء الحيوان لا يمنع من إتلافه عليهم كالأشجار .

ودليلنا ما روى عن النبي ( ص ) ‘ أنه نهى عن ذبح الحيوان إلا لمأكله ‘ وروي عنه ( ص ) ‘ أنه نهى أن تصبر البهائم أو تتخذ غرضا ‘ .

وروى عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ من قتل عصفورا بغير حقها سأله الله عن قتلها ‘ قيل يا رسول الله وما حقها : قال : ‘ أن يذبحها فيأكلها ولا يقطع رأسها ويرمي بها ‘ وهذه أخبار تمنع من عقرها وقتلها ، ولأن كل حيوان لا يحل قتله إذا قدر على استنقاذه لم يحل قتله ، إذا عجز عن استنقاذه كالنساء والولدان ولأنه