الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص188
دارهم مسلم ، ولم يتترسوا به جاز رميهم بخلاف لو تترسوا به ، لأنهم إذا تترسوا به كان مقصودا ، وإذا لم يتترسوا به فهو غير مقصود ، فهذا حكمه في وجوب الكف عن رميهم ، فأما الكف عن حصارهم فعلى ضربين :
أحدهما : أن يأمن على ما في أيديهم من أسرى المسلمين أن يقتلوهم ، فيجوز حصارهم والمقام على قتالهم .
والضرب الثاني : أن لا يأمن عليهم ، ويغلب في الظن أنهم يقتلونهم ، إن أقمنا على قتالهم فهذا على ضربين :
أحدهما : أن لا يكون علينا في الكف عنهم ضرر ، فالواجب أن يكف عن حصارهم استبقاءا لنفوس المسلمين لئلا يتعجل بقتلهم ضررا وليس في متاركتهم ضرر .
والضرب الثاني : أن يكون علينا في الكف عن المشركين ضرر لخوفنا منهم على حريم المسلمين ، وحرمهم ، فلا يجب الكف عنهم ، ولا الامتناع عن قتالهم فإن قتلوهم أستدفاعا لأكثر الضررين بأقلهما وكان وجوب المقام على قتالهم معتبرا بالضرر المخوف منهم ، فإن كان معجلا وجب المقام عليهم ، وإن كان مؤجلا لم يجز المقام إلا عند تجدده وحدوثه ، فهذا حكم الضرب الأول إذا تترسوا بهم قبل التحام القتال
أحدهما : أن يمكن استنقاذ الأسرى منهم إن اتبعوا ، فواجب أن يتبعوا حتى يستنقذ الأسرى منهم ، لما يلزم من حراسة الإسلام وأهله ، لقول الله تعالى : ( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) [ المائدة : 32 ] .
والضرب الثاني : أن لا يمكن اسنتقاذ الأسرى منهم ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يخاف المسلمون من اتباعهم ، فلا يجوز لهم أن يتبعوهم وعليهم أن يكفوا عنهم إذا انهزموا لتحريم التغرير بالمسلمين .
والضرب الثاني : أن لا يخافهم المسلمون إلا كخوفهم في المعركة ، فلا يجب إتباعهم ولا يجب الكف عنهم ، وأمير الجيش فيهم بخير النظرين في اعتماد الأصلح من اتباعه ، أو الكف عنهم