الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص185
عهدهم فقطع المسلمون عليهم عددا من نخلهم ورسول الله ( ص ) يراهم إما بإمره وإما لإقراره .
واختلف في سبب قطعها فقيل لإضرارهم بها ، وقيل : لتوسعة موضعها لقتالهم فيه ، فقالوا وهم يهود أهل الكتاب : يا محمد ألست تزعم أنك نبي تريد الصلاح ، فمن الصلاح عقر الشجر وقطع النخل ، وقال شاعرهم سماك اليهودي :
فقال حسان بن ثابت :
فقال المسلمون : يا رسول الله ( ص ) هل لنا فيما قطعنا من أجر ؟ أو هل علينا فيما قطعنا من وزر ؟ فحينئذ أنزل الله قوله تعالى : ( ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين ) [ الحشر : 5 ] وفي اللينة ثلاثة أقاويل :
أحدهما : أنها العجوة من النخل ، لأنها أم الإناث ، كما أن العتق أم الفحول ، وكانتا مع نوح في السفينة ، ولذلك شق عليهم قطعها .
والثاني : أنها الفسيلة ، لأنها ألين من النخلة .
والثالث : أنها جميع النخل والشجر للينها بالحياة .
فإن قيل : فهذا منسوخ بقوله تعالى : ( ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ) [ الأعراف : 56 ] فعنه جوابان :
أحدهما : أنه يفضي إلى الظفر بالمشركين وقوة الدين كان صلاحا ، ولم يكن فسادا ، وفي الآية تأويلان :
أحدهما : ولا تفسدوا في الأرض بالكفر بعد إصلاحها بالإيمان .
والثاني : لا تفسدوا في الأرض بالجور بعد إصلاحها بالعدل .