پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص184

النيران والحيات والعقارب ، ويهدم عليهم البيوت ، ويجري عليهم السيل وبقطع عنهم الماء ، ويفعل بهم جميع ما يفضي إلى هلاكهم ، ولا يمنع من فيهم من النساء والولدان أن يفعل ذلك بهم ، وإن أفضى إلى هلاك نسائهم وأطفالهم ، لأن رسول الله ( ص ) لم يمنعه من في بني المصطلق منهم من شن الغارات عليهم ، ولا من ثقيف من نصب المنجنيق عليهم ، ولأن نهي رسول الله ( ص ) عن قتل النساء والولدان إنما كان في السبي المغنوم أن يقتلوا صبرا ، ولأنهم غنيمة فأما وهم في دار الحرب فهي دار إباحة يصيرون فيها تبعا لرجالهم .

روى الصعب بن جثامة أن رسول الله ( ص ) سئل عن دار الشرك فيصاب من نسائهم وأبنائهم ، فقال : ‘ هم منهم ‘ يعني في حكمهم ، فأما إن كان فيهم أساري مسلمين ، فلا يخلو جيش المسلمين من أن يخافوا اصطدام العدو ، أو يأمنوه ، فإن خافوا اصطدامه جاز أن يفعل بهم ما يفضي إلى هلاكهم ، وإن هلك معهم من بينهم من المسلمين ، لأن سلامة الأكثر مع تلف الأقل أولى .

وإن أمنوا اصطدامهم نظر في عدد المسلمين من الأسرى ، فإن كثر وعلم أنهم لا يسلمون إن رموا كف عن رميهم وتحريقهم ، وإن قلوا وأمكن أن يسلموا إن رموا جاز رميهم ، وقد توقى المسلمين منهم ، لأن إباحة الدار يجري عليها حكم الإباحة ، وإن كان فيها حظر كما أن حظر دار الإسلام يجري عليها حكم الحظر ، وإن جاز أن يكون فيها مباح الدم ، لما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ منعت دار الإسلام ما فيها وأباحت دار الشرك ما فيها ‘ .

( مسألة )

قال الشافعي : ‘ وقطع بخيبر وهي بعد النضير والطائف وهي آخر غزوة غزاها قط عليه السلام لقي فيها قتالا فبهذا كله أقول وما أصيب بذلك من النساء والولدان فلا بأس لأنه على غير عمد فإن كان في دارهم أساري مسلمون أو مستأمنون كرهت النصب عليهم بما يعم من التحريق والتغريق احتياطا غير محرم له تحريما بينا وذلك أن الدار إذا كانت مباحة فلا يبين أن يحرم بأن يكون فيها مسلم يحرم دمه ‘ .

قال الماوردي : وهو كما ذكر يجوز أن يقطع على أهل الحرب نخلهم وشجرهم ، ويستهلك عليهم زرعهم وثمرهم ، إذا علم أنه يفضي إلى الظفر بهم ، ومنع أبو حنيفة من ذلك استدلالا بقول الله تعالى : ( ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) [ البقرة : 60 ] وهذا فساد ، ولما روي أن أبا بكر بعث جيشا إلى الشام ونهاهم عن قطع شجرها ولأنها قد تصير دار إسلام ، فيصير ذلك غنيمة للمسلمين .

ودليلنا ما روي أن النبي ( ص ) حاصر بني النضير في حصونهم بالبويرة حين نقضوا